المراهق والعلاقات الاجتماعية
2020/03/16
1906

أختي العزيزة كما تعلمين تتزايد أهمية العلاقات الاجتماعية للناشئ أو المراهق بتقدمه من الطفولة إلى المراهقة وذلك بسبب تشعب تلك العلاقات من جهة وازدياد تأثيرها على مجمل حياته وسلوكه الشخصي من جهة ثانية، فالمراهقة باعتبارها جسر الانتقال من الطفولة إلى الشباب فهي مرحلة التحولات الحاسمة التي تكسب علاقات الناشئ بأقرانه وعلاقاته الاجتماعية بصورة عامة طابعاً خاصاً تجعلها أكثر شمولاً وعمقاً  وبانتهاء مرحلة المراهقة والانتقال إلى مرحلة الرشد إذ ينخرط المراهق في عالم الكبار ويصبح كل الراشدين أقراناً له.

إن أداء المراهق لدوره الجديد كرديف مكافىء لأشخاص يختلفون عنه في العمر يتطلب تغييراً جذرياً في الدور السابق الذي اعتاد أن يؤديه في طفولته ويرجع جانب كبير من عجز المراهقين عن تحقيق التغيير في الدور إلى التعارض بين إنشغال المراهق في إجراء التغير المذكور وبين استمرار أهله في معاملته وفي الحفاظ بصورة ما على تكاليفه السابقة والمراهق نفسه يتمزق بين الرجوع إلى أهله طلباً للدعم العاطفي الذي اعتاد عليه طفلاً وبين الانطلاق في مجاهل استقلاليته الواعدة التي يكتشفها ويميل الكثير من الباحثين لتعريف النضج الاجتماعي بتعداد الخصائص التي يعتقد أنها تميز الفرد الناضج من الناحية الاجتماعية فقدرة الفرد على تحمل المسؤولية هي المؤشر الأساسي للنضج الاجتماعي وذلك على اعتبار أن القدرة على تحمل المسؤولية تتطلب من الفرد أن يهتم بالعالم الذي يعيش فيه ويقوم بدوره الخاص في البيت ويسهم في الفعاليات الاجتماعية المختلفة ويتجاوز المصلحة الشخصية الضيقة.

إن المراهق يتغير عن الطفل بنزوعه الواضح لممارسة التوجيه لخصوصيات حياته أو لشؤونه الخاصة ويرادف النضج الاجتماعي القدرة على الاختيار وعلى احتفاظ الفرد بالأشياء لذاته ولاشك أن المشاركة في الأنشطة الاجتماعية المختلفة يمكن أن تكون مؤشراً هاماً للنضج الاجتماعي شريطة أن تكون هذه المشاركة طوعية ونابعة من إرادة الفرد وليست نوعاً من الاستحواذ عليه ويغدو الاستحسان والتقبل من المراهق أشد واقوى تأثيراً في شخصيتة عند تحوله من الطفولة إلى المراهقة فالفئة التي ينتمي إليها الناشىء تؤثر تأثيراً كبيراً في تشكيل صورة عن ذاته ونظرته العامة إلى العالم، وذلك لأثر فئة الأقران في تشكيل فكرة عن العدل والظلم وفي تحديد ما يجب لبسه أو فعله أثناء أوقات فراغه وينظر المراهق عادة إلى تقبل فئة الأقران باعتباره غاية في ذاته فإذا تعرض للرفض من قبل تلك الفئة فقد يتحول إلى انسان انطوائي وليس من المستبعد أن يمارس الكثير من ضروب السلوك غير السوي  ومن المعلوم أن صحبة القرين للفرد مسرة في حد ذاتها وإن الاستحسان يعطيه تأكيداً بقيمته وأهميته وفي حالات عديدة يميل بعض المراهقين للتضحية بكل شيء في سبيل كسب الاستحسان والمحافظة عليه، وقد جردت صفات المراهق المحبوب ونظيريتها للمراهق المرفوض من بعض أو سائر أعضاء فئة الأقران والقوائم المذكورة قد تكون مضللة؛ لأن الشخص بمجمله وليس بعض صفاته أو مجموعها، وعلى أية حال فقد حددت الصفات التي ترتبط بالمراهق المحبوب على النحو التالي: التعاطف مع الآخرين، الحرية والعفوية، الحيوية، المرح العدالة، الروح الرياضية.‏

إلا أن المراهق الذي تتقبله فئته يجمع الناس معاً بطريقة بناءة ، ويبدي اقتراحات جيدة بصدد مختلف الفعاليات ويستطيع التخطيط والتصميم ويبدع حلولاً تساعد الفئة على استخدام الوقت بشكل مثير ، وأكدت أغلب الدراسات قيام فئة من فئة الأقران لحب الشخص الرياضي وتقديره ، بصرف النظر عن الصفات السابقة.‏
    وربما كان الناشىء الذي يتقبله أقرانه شخصاً سعيداً يتمتع بحياته الفردية وعلاقاته الاجتماعية خلافاً لمن ترفضه فئته فيغلب الشقاء على حياته الخاصة والاضطراب والتذمر على علاقاته الاجتماعية، إلا أن من الصعب التأكيد بأن الشعبية تقود صاحبها دوماً إلى السعادة وقد يعد التنافس مظهراً أساسياً للعلاقات داخل فئة الأقران ولكل مراهق أسلوب في التنافس ينبعث من حاجاته الخاصة ويتحدد بالأهداف التي يجهد لتحقيقها ولعل الناشىء عندما يبلغ سن المراهقة يعي جوانب كثيرة من المكانة الاجتماعية والاقتصادية لأسرته شأنهم في ذلك شأن الراشدين ولابد من الإشارة أخيراً إلى أن لظاهرة تشابك اتجاهات الفرد نحو تحقيق ذاته إذ أنها تفرض على المربي أن يتوخى الحذر التام في تعامله مع المراهق لما لهذه المرحلة من خطورة تنعكس إيجاباً أو سلباً على الأسرة والمجتمع.‏

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: رحيق العفاف - الحلقة العاشرة -الدورة الإذاعية 36.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا