أثر غياب الرقيب على المراهق
2020/03/16
388

تعد مرحلة المراهقة من أخطر المراحل في حياة الشباب والفتيات لمافيها من التغير وشدة الأنفعالات واكتمال تكوين الشخصية وغير ذلك من التحولات.
والمراهق في هذة المرحلة يكتنفه ويحوط به سلوكيات مضطربة ومتنافرة من حب الفضول وفوران الشهوة , واثبات الذات, والأنانية المفرطة واللامسؤولية, ويختلف ذلك من مراهق لآخر بحسب قوة شخصيته وتأثره بالمحيط الذي يعيش فيه الذي له تأثير بالغ في اهتمامات المراهق وميوله وتوجيه سلوكه ونزعه للخير أو للشر.

ويغلب على المراهق في هذه المرحلة الإندفاع نحو الشهوات وحب الدنيا, والإنشغال باللهو وقلما يوجد مراهق ليس فيه هذا السلوك ولذلك يحب الله تعالى من الشاب النسك وترك الصبوة حيث يقول الرسول (ص وآله): "يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة"، وقد لوحظ أن كثيراً ممن تورطوا في إدمان المخدرات والجرائم الجنائية وغير ذلك أعمارهم تتراوح بين سن الثامنة عشر  والأربع وعشرين سنة وهذا ما يؤكد خطورة هذه المرحلة ووجوب اهتمام المسؤولين والمربين بها.

والمتأمل في كثير من حالات الأنحراف وقصص الضياع يجد بينها قاسماً مشتركاً له دور كبير في انحراف الشاب والفتاة هو غياب الرقيب ولي الأمر عن متابعة المراهق وتوجيهه وتوظيف طاقته فيما ينفع دينه ودنياه وحمايته عن وسائل الشر وغياب الرقيب عن المراهق له صورتان منها : غياب حسيً, كأن ينشأ المراهق في كنف أم أرملة توفى زوجها , أو أم مطلقة انفصل عنها زوجها, أو ينشأ فاقد الأبوين يتيماً.

وغياب معنوي ويعني ذلك ان الأب موجود ببدنه معهم ولكنه قد رفع يده بالكلية عن متابعة أولاده ولم يلتفت الى هذا الأمر ووكله الى الأم فهو كثير الأسفار لايستقر في بلده أو كثير العمل والأرتباطات الأجتماعية ونحو ذلك أوقد فتن بجمع المال وكسبه وهذا من أعظم البلاء الذي يصاب به العبد فقد قال رسول الله (ص واله) (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت).

يجب أن يعلم أن الأم غالباً لا تتمكن من متابعة المراهق وتوجيهه لطبيعتها من غلبة الحنان والعاطفة عليها وسهولة إقناعها وعدم إدراكها للأمور فهذه الوظيفة تتطلب الحزم والقوة أحيانا والحكمة والقدرة على إتخاذ القرار وملكة الإقناع وغيرها من الصفات القيادية التي يتمتع بها الرجل، مع التنويه أن قليلاً من الأمهات حباهن الله تلكم الصفات وكان لهن دور عظيم في تربية أولادهن عند غياب الأب أو فقده كما هو مشاهد.

إن الأب عليه مسؤولية عظيمة في تربية المراهق وتوجيهه، وإن هذا السن يتطلب جهدا مضاعفا من المتابعة والصحبة والتوجيه والإرشاد والعقاب والثواب وغير ذلك من وسائل التربيه، ولا يعذر الأب في ترك هذه المسؤلية المهمة مهما كانت الأسباب إلا في ظروف طارئة ضرورية تقدر بقدرها حيث إن مجرد وجود الأب في المنزل وشعور الإبن بالإهتمام يغير كثيراً في سلوكه الى الأفضل ، ويجعله يفكر دائما قبل الإقدام على أي عمل ويجعله أيضاً يحسن اختيار الأصدقاء؛ لأنه يدرك أن جميع تصرفاته مكشوفة لولي أمره لا يخفى منها شي، إن حضور الأب في حياة المراهق يجعله يشعر بقرب أبيه وسهولة الوصول إليه يرجع إليه في كل أمر أشكل عليه ويطلب مساعدته في كل عائق يعترض طريقه.

      أخيتي أن المراهق له اهتمامات خاصة وتطلعات، ويواجه أحياناً ضغوطاً ومشاكل في محيط المدرسة والمجتمع والأسرة ويحتاج من الأب مراعاة ذلك ومن المهم أن نعلم أن انحراف المراهق في هذه المرحلة من أسهل الأمور، فهي ليست عملية معقدة تتبعها خطوات كثيرة وإنما هي اندفاع آني في لحظة شيطانية تحت تأثيراصدقاء السوء وغياب الرقيب ثم سقوط في هاوية الرذيلة.

  فيا أيها الأب الكريم إن أبنائك هم أغلى شي في الوجود وأعز ما لديك فلا تفرط فيهم لمجرد متعة عابرة أو دنيا فانية ، فهم ذخرك عز لك في الدنيا وشرف لك في الأخرة فاشكر الله على هذه النعمة العظيمة، قال الله عز وجل: (ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) وقال رسولنا الكريم محمد (ص وآله): (والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته).

 







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:  رحيق العفاف - الحلقة الرابعة - الدورة الإذاعية 36.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا