الهواتف النقالة ورقابة الأهل
2020/03/15
253

إن مجتمعاتنا اليوم تختلف عن السابق بسبب دخول التطور في حياة كل فرد منا سواء كان هذا التطور بشكل هواتف حديثة أو التلفزيون أو الأجهزة الإلكترونية وغيرها الكثير وبات من المهم أن تزداد مراقبتنا لأبنائنا أكثر وأكثر رغم أن الواقع وللأسف الشديد ليس كذلك حيث أننا نجد أن الأهل يبالغون في فسح المجال أمام أبنائهم مرة يعدون أن ذلك من متطلبات الثقافة والحرية الفردية أو التعذر بكلمات تتكرر على مسامعنا كثيراً، وهي في جوهرها فارغة وفاشلة لكن بالنتيجة تؤثر سلباً على حاضرنا ومستقبلنا كأمة وليس عائلة فقط، ومن هذه الأمور هي المخاطرة وأن أردنا أن نعرف أكثر ما معنى هذه الكلمة.. أنقل لكنّ أخواتي عن قصة روتها لي إحدى الأخوات وأحببت أن اتخذها محور لحلقة اليوم لاننا نلاحظ تكرارها كثيراً:

 تقول هذه الأخت: مررت أنا وعائلتي بظروف قاسية كثيرة بسبب الأحوال المعيشية والأمنية مثل الكثير من العائلات وعندما بدأت أمورنا تتحسن ولو بشكل بسيط حاولت أن أعوض أطفالي ولو بالقليل فاشتريت هاتف لولدي الكبير لأني لاحظت أنه يشعر بالغيرة من أقرانه سواء في البيت أو المدرسة وظننت أني بفعلي هذا أسد النقص لديه غير أني اكتشفت بعد فترة أنه ازداد في تمرده وبدأ يطالبني بأن أشتري له جهاز احدث من الذي يملكه وكل مرة يطالبني بالمزيد غير مراعياً لبساطة الحال الذي نحن فيه اضافة الى انشغاله بالهواتف والبرامج التي فيها وهوسه بموضة الهاتف غير ملتفتا الى أن الغاية منها هي الاستفادة منها وهذا ما توقعت أن يستفيده منه. 

لعل قضية الأخت التي تكلمنا عنها هي ليست قصة فريدة في مجتمعاتنا هذه الأيام ولأننا نتمنى أن لا يقع الأهل بمثل هذا الأمر نقول وبكل صراحة، أن الأم او الأب اللذان يسمحان لأبنائهما باقتناء الهاتف أو غيره يجب أن يعلموهم منذ البداية الى أن سبب قبولنا لشرائك الهاتف هو من أجل أن تستفيد به في أوقات الضرورة لا أن نشتريه لك لأن فلان لديه هاتف أو لأن أصدقاؤك لديهم هاتف فالغاية منه المنفعة لا المضرة ولأننا اليوم في ظل ظروف مختلفة تختلف عن الزمن الماضي حيث كانت المدارس في نفس مناطق السكن، اليوم نجد أن أغلب أبناؤنا مدارسهم تكون بعيدة عن المنازل بحيث يضطرون لركوب السيارة، الأمر الذي يقلق بعض الأمهات أو الآباء وهذا غير أن الظروف الأمنية بحد ذاتها وقلقنا على أبناؤنا حين تواجدهم خارج البيت هو أمر يدعونا في أحيان أخرى الى أن نقتني الهواتف لهم ومن اجل كل هذه الاسباب وتلك وجب ان تكون هناك الية لتقنين شراء الهاتف لهم من حيث استخدامه أو نوعيته وكذلك مايكون فيه من أرقام أو محتويات أخرى لأننا نعلم جيداً أن الهواتف اليوم أشبه بأن تكون حاسوباً متنقلاً بين أيدينا وليس من الصحيح أن نترك هذه الأجهزة بدون رقابة لا بل أن صح التعبير أوجب أن تكون الرقابة مشددة ليس من باب عدم الثقة بأبنائنا فنحن إذا ربيناهم على الأسس الصحيحة والقويمة نعلم جيداً كيف يفكرون وكيف سيتصرفون حين نمنحهم الثقة وهذا الأمر له جذوره منذ الطفولة حيث أن الثقة بالطفل ولغة التفاهم بين الاهل وبينه تجعله يكون قريباً منهم ويطلعهم بما يريد وما يفكر. 

إن موضوع حلقة اليوم هو حول الهواتف وكيف نتعامل مع أبنائنا في حال حصولهم عليها ولكن من الأمور التي تتوازى في كل شيء هي الأصدقاء وكيف يكون وجودهم إيجابي أم سلبي، حتى الإلحاح الشديد من قبل ابناؤنا قد يكون دافعه الأصدقاء، وكيف أنهم يؤثرون فيهم وأن كان موضوع تأثير الصديق يحتاج الى حلقة خاصة في الحديث عنه اذ يجب مراقبة من يرافق أبناؤنا سواء في المدرسة أو خارج البيت في الشارع وغيره وأن نكون متأكدين أن هذا الصديق ليس صديق سوء فلطالما نرى مشاكل كثيرة تقع فيها بعض العوائل بسبب الهواتف وسوء استخدامها وحين نرجع للسبب الرئيسي نجد أن الأصدقاء كانوا قد أثروا عليهم بشكل سيء وأوقعوهم في المشاكل. 

إن من المهم أخواتي وجود أنشطة وفعاليات تأخذ بأوقات الشباب والأطفال بعيداً عن الانشغال بالهواتف وغيرها وهذا ما سنتكلم عنه في حلقات أخرى إن شاء الله حيث أن انشغال الفتى في عمر المراهقة وحتى في عمر اكبر بقليل بالهواتف وجديدها وأنواعها أخذ من طاقاتهم وعقولهم الكثير؛ حيث أننا نجد أن لديهم عقول ذكية ولكنهم لا يوظفونها من أجل العلم أو التقدم وتغيير حال بلادهم بل استحوذت على اهتماماتهم أمر زائفة لا فائدة منها؛ إذ نجد أن هناك أشخاص أن تسألهم عن موادهم الدراسية أو مستواهم العلمي قد لا يجيبون بشكل مسترسل مثلما يجيبك لو سألته عن أحدث التقنيات في الهواتف أو كيفية تشغيل برنامج ما أو تصليح الهاتف وغيره ومن هنا ابتعدوا عن الغاية الأساسية التي من أجلها امتلكوا هذه الهواتف وغيرها، فالأخت التي تكلمنا عن مشكلتها أوردت أن ابنها لم يعد يهتم لوضعهم الاقتصادي بل أصبح جل اهتمامه هو أن يحصل على ما يريد لأنه أصبح لا يرى إلا حاجته التي يريدها ويسعى الى الحصول على تنفيذها أي أنه أصبح يتصرف بشكل أناني لأنه ربما من شدة ولعه وتعلقه وشغفه بالهواتف وأنواعها وموديلاتها أصبح هو هذا محور اهتمامه فلا يبالي بغيره. 

إذن عزيزتي يجب أن تكون لديك قواعد صارمة منذ البداية بمساعدة الأب وأن تحاولي قدرالإمكان أن تعلمي أبناءك أن الغاية من الهاتف هو لمعرفة مكانك وللأشياء الضرورية لا غيرها كاللعب به أو ولع التصوير وغيرها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج المفاتيح البيضاء- الحلقة الأولى- الدورة البرامجية54.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا