المتغيرات التي تصاحب مرحلة الشيخوخة
2020/03/15
985

إن مرحلة الكبر عند الإنسان تصاحبها العديد من التغييرات حيث قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) ومن خلال هذه الآية الكريمة يتبين أن الإنسان يمر بثلاثة مراحل رئيسية وهي ضعف ثم قوة ثم ضعف ولكن هذا الضعف الأخير نبي بين البشر عموماً والمؤمنين خصوصاً ومن هذه التغيرات التي تطرأ على الإنسان هي التغيرات الجسمية وتظهر بعض التغيرات مرئية على جسم الإنسان في حالة تقدمه في السن مثل تجعد الجلد وجفافه وثقل في السمع وضعف في البصر والشم والحواس بشكل عام، وبطء الحركة وترهل بعض العضلات وتغير لون الشعر كما أن هناك تغيرات جسمية غير مرئية مثل ما يحدث من ضعف في العظام وانخفاض لحرارة الجسم نتيجة لقلة الحركة، إضافة لارتفاع نسبة الإصابة ببعض الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، السكر، والإمساك المزمن، كما تصاحب كبار السن التغيرات الاجتماعية والتي تتصف بتقلص علاقاتهم الاجتماعية إذ تقتصر على الأصدقاء القدامى ومن كان يسكن بقربه نظراً لصعوبة تنقلاته بسبب التغيرات الجسمية كما ينتج عن هذا التغير مظهر جديد في حياة المسن وهو الفراغ والعزلة وذلك نتيجة لإنسحاب المتبادل بين المسن والمجتمع الذي يؤدي بدوره الى ضيق الاتصال بالمجتمع وإلى تدهور المشاركة الاجتماعية لديه وهذه المظاهر الجديدة في حياة المسن تساعد على بروز التغيرات النفسية حيث ترتبط بالتغيرات التي ذكرناها بشكل كبير، وإن كان ارتباطها بالتغيرات الاجتماعية يبدو واضحا بشكل أكبر وأبرز هذه التغيرات تغير مفهوم الفرد عن ذاته وبروز القلق والاكتئاب والملل كمظهر جديد في حياة المسن كما يصاحب ذلك توهم المرض وكثرة الشكوى والحساسية الزائدة والإعجاب بالماضي والعناد والشك وعدم الثقة في الآخرين، كما تتغير اهتمامات المسن فتتركز حول الجوانب الشخصية إضافة الى أن الاهتمامات الدينية تزيد مع التقدم في العمر.

ولقد وصف أحد الأشخاص الحالة والتغيرات التي وصفت له نثراً وشعراً عندما سأله صاحبه عن حاله فقال: " أجدني قد ابيض مني ما كنت احب ان يسود وغسود مني ما كنت أحب أن يبيض ولان مني ما كنت أحب أن يشتد واشتد مني ما كنت أحب أن يلين وأجدني يسبقني مَن بين يدي ويدركني من خلفي وأنسى الحديث وأذكر القديم، وأنعس في الملأ وأسهر في الخلأ، وإذا قمت قربت الأرض مني وإذا قعدت بعدت عني".

ومن اهم التغيرات في هذه المرحلة العمرية هي التغيرات العقلية حيث يصاب أغلب كبار السن بضعف الذاكرة والنسيان وبخاصة المعلومات الحديثة فضلاً عن ذلك ظهور خرف الشيخوخة لدى البعض ويتمثل ذلك في تكرار الحديث مرات ومرات كما يعاني كبار السن في هذه السن من انخفاض الدخل وهذا عائد في الغالب إلى إحالته على التقاعد عند بلوغه السن النظامية وبالتالي يؤدي ذلك إلى عجزه عن تلبية بعض الحاجيات ولاسيما إذا اقترن ذلك بتوقع إصابة المسن ببعض الأمراض وما تحتاجه من زيارات للطبيب وشراء الأدوية فهو يعاني من انخفاض في الدخل مع تزايد في العباء المالية ويصاحب ذلك الغلاء المتزايد للأسعار وضعف القوة الشرائية للنقود، لذلك نرى بعض الدول تقوم بتعديل راتب الفراد المتقاعدين مرة كل سنة وبعضها مرتين كل سنة وبعضها مرة كل ثلاث أشهر، وكل ذلك لمواجهة هذه المتغيرات الاقتصادية في حياة المسن.

وقد يتساءل بعضهم: هل من الممكن علاج التغيرات التي ذكرناها في هذه المرحلة العمرية؟ فهذه المحاولات تكثر في العالم الغربي وأصبحت هوساً لدى العديد من كبار السن في عالمنا العربي ولشديد الأسف قد ينجرف معها بعض الأطباء المسلمين، إلا أن هذه المحاولات مكتوب لها الفشل مسبقاً بنص حديث رسول الله(ص وآله) حيث قال: " يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحداً، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم".
ومن هنا يتضح أنه لا علاقة للشيخوخة أو الهرم وفق حديث رسول الله(ص وآله) ولكن بالتزام الإنسان المسلم حدود الله وحفظه لكتاب الله قد تنعدم أعراض الشيخوخة أو تتأخر على الأقل.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: وقد بلغت من الكبر عتياً - الحلقة الثانية عشرة - الدورة البرامجية 32.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا