احتياجات المسنين
2020/01/20
11735

إن حاجة المسن لا تقتصر على الطعام والشراب والملبس والمسكن، بل تتعدى إلى مشاركته الاجتماعية بفاعلية وأدائه لجميع وظائفه بشكل طبيعي والاهتمام بالجوانب الصحية له وتلبية احتياجاته المادية والعاطفية.

كما أن تقليل الإحساس بالعجز والعزلة وعدم الاستقلالية يجعل منه إنساناً يشعر بلذة الحياة والمشاركة حتى دنو الأجل.

والسؤال هنا أين  الجمعيات القائمة على رعاية مصالحهم والترفيه عنهم وأين الأندية المتخصصة في رعاية المسنين التي تلبي احتياجاتهم الحقيقية والتي يجب أن تكون على أقل تقدير في محيطهم القريب ليعيشوا مع أقرانهم يستمتعون بحديثهم وتبادل ذكرياتهم في بيئة تناسب أعمارهم.

لماذا لدينا رعاية للشباب وليس لدينا رعاية للمسنين من آبائنا وأمهاتنا,  هل قصر بنا التفكير إلا على إيجاد دور لعزلهم وحرمانهم من الحياة؟
قال الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويعرف حق صغيرنا).

ولكي نستطيع التعامل مع هذه الفئة العمرية؛ يجب علينا أولاً التعرُّف على احتياجاتِ هذه الفئة، فالمسنُّ له مجموعة من الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية والصحية.

فبالنسبة للاحتياجات الاقتصادية فالمسنُّ بحاجةٍ إلى نظامٍ يكفلُ له الحصول على دَخْلٍ يُناسب زيادة الأسعار فى السلع والخدمات، وبحاجة إلى وضعِ نُظُمٍ تكفلُ له الاشتراك في عمليَّاتِ التنمية والاستفادة بخبراته، مع إعادة تدريبه على الأعمال التي تتناسب وإمكانياته وقدراته، ويحتاج كذلك إلى معاونته على الموازنة بين موارده واحتياجاته، ومَنْحِهِ تيسيراتٍ في تكاليف الخدمات التي يحتاجها.

وبالنسبة للاحتياجات الاجتماعية مستمعيت فيحتاج المسنُّ دائماً إلى تعزيزِ علاقاته الاجتماعية حتى يزول إحساسه بالوحشة؛ نتيجة العزلة بعد ترك العمل، فكبار السنِّ يكونون في أمسِّ الحاجة إلى تدعيم علاقاتهم الاجتماعية؛ لمواجهة تلك التغيُّرات الاجتماعية، وفي مقدِّمة ذلك: احتياجهم إلى تدعيم علاقاتهم الأسرية، كما أنهم يحتاجوا أنْ يُساعدهم الأهل على قضاء احتياجاتهم، مثل: تناول الطعام، والقيام بالأعمال المنزلية، والحصول على العلاج الطبيعي.

واذا تكلمنا عن الاحتياجات الصحية فسنجدهم بحاجة إلى رعايةٍ صحيةٍ خاصةٍ، نتيجة إصابتهم بأمراض الشيخوخة، وإصابتهم بالوهن والضعف الجسماني.
وتزداد حاجة كبار السنِّ إلى برامج الرعاية الصحيَّة البدنية منها والنفسية، كلَّما تقدَّم بهم العمر، ومن الضروري العمل على توفير ما يحتاجونه من هذه البرامج، بحيث تكون متوافرة، وفي متناول أيديهم، وبالتكلفة التي يتحمَّلونها، سواء أثناء إقامتهم في مؤسسة أو في منزلهم.

وكذلك نجد ان لكبار السن احتياجات ترويحيةٍ، فهم بحاجة إلى ممارسة نشاطٍ محبَّبٍ لهم، يعبِّرون فيه عن مشاعرهم، ويُبرزون فيه مواهبهم، بحيث يتوافق مع شخصيَّتهم ورغباتهم واحتياجاتهم، ويُعتبر نادي المسنِّين بديلٌ تربوي جيد، ففيه يجد المسن ما يحتاجه، كما أنَّه يستطيع إقامة صداقات مع من هم في مثل عمره.

كذلك فان هناك احتياجاتٌ ثقافيةٌ تتعلق بالمسنين، فالمسن يدخر ثروةً لا يُستهان بها من المعلومات والخبرات يستطيع معها العطاء والبذل لو أُتيحت له الفرصة المواتية، كما أنَّ قدرته على التعلُّم تظلُّ قوية في أغلب الأحيان، وتقوم المكتبات العامة بإشباع الاحتياجات التربوية والثقافية والروحية لكبار السنِّ من مُختلف المستويات الثقافية، ويُمكن لهذه المكتبات مستمعتي أنْ توفِّر لكبار السن الحصول على السُبُلِ الميسِّرة للقراءة؛ كالكتب المطبوعة بالنمط الكبير، والعدسات المكبرة لضعاف البصر، والكتب الناطقة للمكفوفين وغيرها.

وإضافة الى الاحتياجات التي ذكرت فإن للمسن مجموعة من الاحتياجات النفسية، والتي تتمثل في إعداده لاستقبال مرحلة الشيخوخة عن طريق إعداد البرامج التدريبية له قبل سنِّ التقاعد، والتي تخبره بأنَّ ما يطرأ عليه من تغيُّراتٍ جسميةٍ وعقلية أمر طبيعي وعليه تقبُّلها؛ لأن هذا هو إحدى دعائم الصحة النفسية، والتي تعرف كذلك بمرحلة الشيخوخة وخصائصها ومتطلباتها؛ للحفاظ على الصحة الجسمية والنفسية والاجتماعية، وتُعَرَّفُ الفئات الأقل عمراً بحقوق كبار السن، وضرورة احترامهم، وبأهمية توفير مناخٍ نفسي مريحٍ لهم، وقد يكون من الأساليب المفيدة في ذلك: محاولة إقناع المسنِّ بتقبُّل العادات والتقاليد؛ لأنَّ ذلك يُساعده على تحقيق التوافق الشخصي والاجتماعي، ويجعله يحظى بتقديرِ الجماعة واهتمامها.

وكلنا يعرف ما يطرأ على كبار السنِّ من التغييرات التي تنعكسُ بدورها على صحَّتهم وحالاتهم النفسية، فهم اذن بحاجةٍ إلى رعايةٍ خاصَّةٍ، وهو ما أكَّدت عليه الدراسات العلمية، حيثُ أشارت إلى أن المسن في حاجة إلى نظام رعاية صحي يكفل له الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية والاجتماعية والنفسية، ويكفل له المشاركة في عمليات التنمية والاستفادة من خبراته في مجال تخصصه، بما يتناسب مع إمكانياته الجسمية وقدراته العقلية.

وعلى الأبناء ايتها يقع عبءٌ كبيرٌ في توفير الرعاية والعناية والتعاطف نحو آبائهم وأمهاتهم؛ لأن الأب لا تتحقق له السعادة والإشباع النفسي والطمأنينة القلبية إلا إذا شعر بأن أبناءه وبناته بارون به، متعلِّقون به، حريصون على راحته، فالأب المسن والأم المسنَّة لا يستطيعان الاستغناء عن عطف وحنان أبنائهما؛ لذا وجب على الأبناء أنْ يعلَّموا أنَّ سلامة الحالة النفسية للمسنِّ تتطلب رعايةً نفسية صحية، وتأمين الاحتياجات المادية والنفسية من خلال تهيئة المناخ له؛ كي يحتفظ بدورٍ فاعلٍ في الحياة يُشعره بأهميته، وعليهم الصبر عليه، وحسن معاملته، ورعايته النفسية والاجتماعية، ومساعدته على تقبُّل نفسه كفردٍ له مكانته في المجتمع الذي يعيش فيه؛ حتى يستطيع التكيُّف مع الحياة الجديدة.

إذن، كانت هذه جملة من الاحتياجات الخاصة بالمسنين والتي تقع مسؤولية توفيرها لهم على عاتقنا وعاتق المجتمع ككل.






ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج الخريف الأخضر - الحلقة السادسة -الدورة البرامجية 44

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا