عدم إحترام كبار السن
2019/12/15
3615

أخواتي الكريمات إن احترام كبار السن والاعتناء بهم مسؤولية على الدولة ومؤسّساتها وعامليها والمؤسسات الخاصّة وأفراد المجتمع فرداً فرداً لاسيما الشباب.
وإن من مظاهر العناية بكبار السن إكرامهم وتقديمهم في كلّ أمر من كلام أو جلوس أو طعام أو شراب أو مشي، فيجب على كلّ من يقابل شيخاً كبيراً أن يستمع لحديثه دون مقاطعة ويحترمه مهما أساء إليه، ويبدأ بالسلام عليه.

إضافة لتقديم العناية الصحيّة والاجتماعيّة والنفسية لهم، ويكون ذلك بتوفير ما يحتاجونه من علاج دائماً، وعدم قطعهم؛ بل الاستمرار بزيارتهم واصطحابهم إلى الرحلات والزيارات بما لا يشق عليهم، وتعليمهم وحثّ الأجيال على التواصل معهم لما لذلك من فائدة في نقل خبرات الأجيال وحفظ التأريخ والمعرفة، كما ويجب مراعاة قدرتهم القليلة وضعف جسمهم وعقلهم.

واعلمن أخواتي إن من احترم كبيراً لكِبر سنه من الشباب يسّر الله له من يحترمه ويساعده في كِبره كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن الواجب عدم التثقيل عليه في شرع أو واجب أو حكم، فقد خفّف الله بعزّته وجلاله عن كبير السن في العبادات، فله جواز الإفطار في الصيام، والصلاة جلوساً أو على جنب، وغيرها الكثير من الأمور؛ فالأجدر بالأفراد التخفيف عن الكبير وعذره لكبر سنه.

نعم ايتها الفضليات إن أهمية احترام كبير السن وتقديرهم له العديد من الآثار الإيجابيّة على مستوى الفرد والمجتمع، فاحترام كبار السن وتقديرهم يغرس هذا المفهوم لدى الأطفال، ممّا يدفعهم لاحترام كبار السن مستقبلاً، فينشأ جيلٌ يحمل معه ثقافةً راقية. ويشعر الفرد بالأمان المستقبلي، وهو واثق بأنّه سينال الاحترام والتقدير من الآخرين، فينال من يحترم الكبار الأجر من الله تعالى على ما يقوم به من عمل خير.

أختي المؤمنة إن احترامك للشخص الذي يكبرك سناً هو خلق إسلامي أوصانا الله ورسوله الكريم(ص) على العمل به لتسود الدنيا بالأخلاق ونعيش في مجتمع محترم الصغير فينا يحترم الكبير ويوقره, والكبير فينا يعطف على الصغير ويحن عليه.

وتجدر الاشارة أخواتي الى إن تربية الصغار على معرفة حق الكبير واجب على الأهل، لما في ذلك من التدريب على الخلق الإسلامي، ورعاية للحقوق التي افترضها الله تعالى على الناس تجاه الكبار في السنّ، فما من عملٍ يقترفه طفلٌ صغيرٌ أشدّ من أن يتطاول على الكبير، لذلك يقول عليه وعلى آله الصلاة والسلام: "ليس منّا من لم يوقّر الكبير، ويرحم الصغير، ويعرف لعالمنا حقّه".

فهو "ص"  قد نفى عن هذا الإنسان الانتماء إلى الإسلام، بقوله "ليس منّا"، ما يؤكّد على عظم هذا العمل، ويعد مقياس انضباط الأمّة الأخلاقيّ هو توقير الكبار، علماء كانوا، أو معلمين، أو كانوا كباراً في السنّ.

إن كبار السن هم الآن ما ستصبحين أنت عليه في يوم من الأيام، فعليك احترام حكمتهم، معرفتهم عن قرب والاعتناء بهم، يجب أن يكون طبيعة ثانية للأجيال الأصغر سناً، ولكن ليست هذه هي الحال دائماً، فأحياناً، نحن بحاجة لنتذكر لماذا من المهم جداً أن نحترم كبارنا، فهم ينقلون إلينا المعرفة التي تساعدنا في الحياة، وينبغي دائماً أن نحترمهم كما نريد منهم أن يحترمونا، فيجب أن تُظهري لهم الاحترام من خلال السلوك الذي يعترف بحكمة وخبرة كل شخصٍ مسن.

فمثلاً توجهي بالحديث المباشر للمسنين حين تتكلّمين معهم. إنظري  إليهم لا حولهم، ولا تنادي شخصاً مسنّاً باسمه إلّا إذا طلب هذا الأخير منكِ ذلك، سيخبرونك إن كانوا يريدون ذلك، هذا ينطبق عليكِ سواء كنتِ في السادسة أو في السادسة والسبعين من العمر،كوني مراعية لذلك.

عزيزتي .. قفي إذا دخل شخص مسنّ الغرفة أو قدِمَ إلى طاولتك، ساعديهم في الجلوس إذا احتاجوا لذلك.

عليك أيضاً ان تساعدي المسنين للمحافظة على الاستقلالية لأطول فترة ممكنة من خلال عدم قيامكِ بالأمور التي يستطيعون القيام بها بأنفسهم. فلا تفترضي أن الشخص المسنّ لا يعلم كيفية القيام بشيءٍ ما، كوني لبقة واعتبري أنهم يعلمون ولا يريدون القيام به وبأنهم سيُعلمونكِ إذا كانوا يريدون التعلّم، إضافةً إلى ذلك، لا تعطي نصيحة غير مرغوب فيها.

كذلك من مبدأ الاحترام أن تقفي عندما يحتاج أحد المسنين إلى مقعد، سواء كان ذلك في وسائل النقل العام، في غرفة الانتظار أم في أي مكان آخر، لديك ساقان قويتان، قادرة وبحاجة للوقوف عليها تصّرفي بتلقائية، ليس لأن الشخص يكبركِ سنّاً، فهذا يعني الاحترام. تصرّفي على هذا النحو لأنهم مهمّون كبشر. ستتحسّن تصرفاتك إلى الأفضل بمجرّد تفكيرك بهذه الطريقة.

أيضاً أختي الكريمة إياك أن  تصرخي في شخصٍ مسنّ مفترضة أنه أصمّ أو لا يفهم، فأن يكون الشخص متقدّماً في السن لا يعني بالضرورة لديه صعوبة في السمع ولا يعني أنه لا يفهم ما يدور حوله، فكبار السن أكثر حكمة منك، لقد اختبروا كل شيء، ولديهم نصائح جيدة لتحسين طريقة عيشك.

واذا إذا كنت تقودين شخص مسن إلى مكان ما، لا تفترضي أنه يريد أن يجلس في المقعد الخلفي، اسأليه أولاً عن رغبته وأين يريد الجلوس، وساعديه على الدخول والخروج من السيارة، فالمسافة إلى المقعد يمكن أن تكون صعبة في بعض الأحيان لأولئك الذين لا يملكون قوّة كافية في أجسادهم.

وأخيراً نقول إن الاحترام قيمة رائعة تجعل للحياة روحاً وقيمةً ونظاماً راقياً، وهذه القيمة كطبيعة كل القيم يجب أن تكون ثابتةً ومستقرةً ودائمةً، ولا تتغير بتغير الزمن أو الظروف والأحوال، بل يجب أن يكون الالتزام بها سلوكًا طبيعياً، يحرص الجميع عليه برضاء نفس وطيب خاطر وبنية التعبد لله تعالى؛ فتكون النتيجة رقي السلوك وعظم الأجر.                                                                                                                   
 





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج الخريف الاخضر- الحلقة الثانية- الدورة البرامجية 44

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا