الطفل والروضة
2019-11-17 09:20:10
142

إليك عزيزتي الأم الطموحة ، إليك يامن تربي الأجيال، إليك يا نصف المجتمع ومربية النصف الآخر، إليك أيتها المدرسة التي تخرج الأجيال، إليك ومن أجلك ومن أجل طفلك، طفل اليوم ورجل الغد نقدم ما يساعدك على تربية طفلك وتنشئته تنشئة صحيحة.
يختلف الأطفال في سلوكياتهم بعضهم عن بعض ولكنهم بصورة عامة يتصفون ببعض الصفات التي تتشابه فيما بينهم فمثلاً القابلية، فالطفل صفحة بيضاء لم يتعمق لديه أي سلوك أو أفكار، قابل للتعديل والتوجيه فحاله كحال الغصن اللين قابل للتشكيل على أي شكل تريدين، إذن فلا بد أن تعيني أيتها الأم الغالية دورك في هذا الأمر، وكذلك هو مادي في التفكير، فلا تقلقي إذا لم يفهم بعض الأمور لأنه يربط ما أمامه بالتفكير المادي (أي مايستطيع أن يراه)  وكذلك يتصف بالفردية والأنانية، بحيث يريد كل شيء له، فيكمن دورك أيتها الأم هنا بـ إخراجه منها حتى يحترم الآخرين، وإن الطفل له حاجات لابد منها لإنه إذا لم توفر له تعرقل نموه، أو تنشئ عنده سلوكيات سيئة ومنها:
الحب والأمن من أبويه، والتقدير والثقة فإنه إذا لم يحترم ويعطى الثقة ينشأ عنده عدم الثقة بالنفس، وكذلك الرفقة فلابد له من صحبة، فينبغي اختيار الرفقة الذين يتصفون بتربية حسنة حتى لا يقع التناقض، وكل هذا يتطلب منك أيتها الأم جهد ومبذول كبير وليس لديك الوقت الكافي لذلك،  فيمكنك وضع الطفل في الروضة، فرياض الأطفال مرحلة مهمّة وجميلة لطفلك، والرَّوضة ليس هدفها الأكبر تعليم القراءة والكتابة فقط، بل هي تهدف إلى تنمية قدرة الطفل على النطق والتعبير السليم وتدريبه على الاستماع، وتنمية حواسه الخمس واستخدامها استخداماً سليماً، ولكي يتعرّف ويندمج الطفل مع أقرانه، ويتعوَّد على احترام رغبات وميول الآخرين، فهي بيئة اجتماعية تربوية إبداعية للأطفال.
عزيزتي الأم لكي تعدّي أبنك للروضة عليك أن تحضري ابنك نفسياً ومعنوياً للروضة فتعوّديه على مواعيد ثابتة للنّوم والطعام في المنزل قبل بدء الروضة، ليشعر طفلك بالاندماج في جو الدوام والنظام واتركي لطفلك حرية اختيار حاجاته ومستلزماته التي توفرينها له للروضة وأشعريه بالثقة والمسؤولية، وساعديه في اختيار الألوان الزَّاهية والجميلة لحقيبة الروضة، وحقيبة حفظ الطعام والأقلام، فهذا يحفز طفلك على ربط الروضة بشيء جميل.

واحرصي على اختيار الرَّوضة المناسبة له، حيث المكان جيّد التهوية، والواسع لحركة الأطفال ولعبهم، والمحتوي على الألعاب التربوية التي تنمي تفكير الطفل؛ مثل المكعبات والصلصال والقصص وغيرها، وأن تكون معلمته تربوية تراعي حاجاته النفسية والمعرفية. في أول يوم له بالروضة أيقظيه مبكراً، وتناولي معه وجبة الفطور بهدوء من دون تسرع، واجعليه يساعدك في تحضير وجبته التي يأخذها للروضة من شطيرة وبعض الفاكهة والحليب والحلوى، بما يكفل له وجبة صحية غذائية متكاملة، علّمي ابنك كيفية الدخول إلى الحمام، وغسل يديه قبل وبعد الطعام، ومراعاة نظافته ونظافة ملابسه.

عزيزتي الأم، أن الوقوف على حاجات الطفل وعلى كيفية تحقيقها وإشباعها شيء ضروري وهام ، لكي ينمو ويتفتح بشكل متزن في جوانب شخصيته المختلفة: الجسمية والنفسية والاجتماعية والعقلية والروحية.و يتولد عن الحاجات دوافع تكون هي المسئولة عن اختلاف سلوك الأطفال بعضهم عن بعض فالدوافع هي كل ما يدفع إلى النشاط النفسي أو السلوك مهما كان نوعه حركياً أو ذهنياً وأن الدوافع داخلية تستثار بمثيرات خارجية عن طريق الحواس الخمس أو بمثيرات داخلية عن طريق الخيال والغضب والحزن وغيرهاولأن طبيعة الإنسان لا تخلو من الدوافع وإن الفكر لا يعمل دون باعث من دافع وإن الإرادة لا تنجزمن دون دافع "وكلما كان هذا الدافع قوياً أوجب تحقيق الإرادة و انتهاض القدرة"، فعندما يندمج طفلك في الروضة مع أقرانه تتفجر دوافعه نحو تحقيق رغبات وميول وتصرفات تبدو لك جديدة في تصرفاته فما عليك عزيزتي الأم سوى مراقبته وتشجيعه على الجيد منها ومساعدته عليها وأن تتطرقي بالحديث معه عن جو الروضة وعن أصدقائه وعن معلماته كي تكسبي تواصل الحوار بينه وبينك وبالتالي تتعرفي على سلوك وميول طفلك منذ طفولته.
وعليك أن تنصتي لكلامه حين يكلمك عن الروضة وأن لا تستمعي بأذنيك فقط، وإنما استمعي بكامل جسمك، مع الإيماء بالرأس كرسالة بأنك معه، ولاّ تنشغلي بشيء آخر أثناء حديث ولدك معك، كأن تقرأي كتابا، أو مجلة أو غير ذلك. وحاولي فهم ما يطرحه ولدك من وجهة نظره هو، لا من وجهة نظرك أنت. ولا تقاطعيه أثناء حديثه معك وشجعيه على مواصلة الحديث كأن تقولي له بين فترة وأخرى: نعم أشعريه بتفاعلك معه. حاولي أن تتعرفي على مشاعر طفلك وأحاسيسه، فأسمحي له بالتعبير عن مشاعره وشاركيه في ذلك فحاولي أن تعرفي هل هو فرح أو حزين أو متألم، ثم أذكري هذه المشاعر له، كأن تقولي له : يبدو أنك متألم، أو أعتقد أن ذلك يفرحك.. الخ.
 وهذا المبدأ هام في التربية؛ لأنه إذا سمحتِ أيتها الأم لطفلك بالتعبير عن مشاعره وشاركتيه في ذلك فُتحت قنوات الاتصال بينكما بمشيئة الله تعالى، وإذا حدث العكس، أغلقت قنوات الاتصال بينكما وتكون النتيجة أن لا يبوح الطفل لك بأسراره ومشاكله ويضع حواجز بينه وبينك وبالتالي إما أن ينطوي على نفسه أو يلجأ إلى شخص آخر ليشاركه بمشاعره ومشاكله، فهذا يزيد من قوة شخصيته وقدراته الخاصة في تعامله مع الآخرين. كذلك حاولي تعليم طفلك كيف يكون صداقات عن طريق مصادقة أسرة هذا الطفل الذي ترغبين في أن يصاحبه طفلك حتى يقلدك، وليس عن طريق دفعه دفعاً مباشراً إلى مصادقة فلان، أو قولك له : “لماذا لا تصاحب فلان؟”. فهذه العبارة أن أستعملتيها مع طفلك فمردودها سلبي على شخصية طفلك.

عزيزتي الأم وضع طفلك بالروضة وحده لا يكفي بعذر أنه ليس لديك الوقت الكافي له فعليك أن تتذكري أن العملية التربوية لا تقتصر على وقت معين ، بل هى وظيفة العمر يمكن أن تؤدى فى أى وقت من أوقات اليوم، فحاولي أن تستغلي أوقات طفلك ولا تضيعي عليه أيامه وذلك بمحاولة استغلال كل الفرص والأوقات التى تسنح لك خلال اليوم لتعليمه أي معلومة ولو بسيطة، وليس معنى ذلك أن تظلي تصدري له الأوامر أغلب أوقات اليوم، فالتربية والتعليم ليسا فقط بالموعظة المباشرة، بل قد يكونان بلقطة تلفاز تعلقين عليها أو بدعوات تتلفظين بها وأنت تطهين طعامك فيلتقطها منك طفلك أو تكون من خلال تصرف يصدر منك وغير ذلك.
 عزيزتي الأم قبل الختام نقول لك: أقرَّ الله عينيك بصلاح أطفالك وضاعف الأجر والمثوبة لك على حسن التربية والتوجيه الذي قدمتيه لهم طيلة حياتك.
 

 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:  برنامج حديث الامهات- الحلقة الثانية- الدورة البرامجية 22

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا