بكاء الأطفال*
2019-11-03 08:15:04
444

 إن بكاء الأطفال حالة فطرية طبيعية، وخاصة في أول ولادته؛ وذلك عندما ينتقل من عالم بطن أمه إلى عالم آخر مختلف تماماً، وهو عالم الحياة في الدنيا، وما يحيط به من الضوء، والهواء، والأصوات، والناس وغيرها.. هذا الجو الجديد يجعل الطفل يبكي.

ولبكاء الطفل في ساعاته وأيامه الأولى في حياته فائدة صحية، ولذلك، فإن من العادات الشائعة أن الطفل الذي لا يبكي في ساعاته الأولى تأخذ الجدة بالمسح أو ضرب خفيف جداً على خدّيه؛ لكي يبكي ليزيد تنفسه، ويخرج صوت البكاء والدموع.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "إعرف يا مفضل ما للأطفال في البكاء من المنفعة، وإعلم أن في أدمغة الأطفال رطوبة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثاً جليلة، وعللاً عظيمة في ذهاب البصر وغيره، فالبكاء يسيل تلك الرطوبة في رؤوسهم، فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم، والسلامة في أبصارهم، أ فليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك، فهما دائبان ليسكتاه، ويتوخيان في كل الأمور مرضاته لئلا يبكي، وهما لا يعلمان أن البكاء يصلح له، وأجمل عاقبة، وهكذا يجوز أن يكون في كثير من الأشياء منافع لا يعرفها القائلون بالإهمال، ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشيء أنه لا منفعة فيه من أجل أنهم لا يعرفونه، ولا يعرفون السبب فيه، فإن كل ما يعرفه المنكرون يعلمه العارفون"(1).
 
 يتضح في حديث الإمام الصادق (عليه السلام) أن للبكاء منفعة صحية للطفل، ومن خلال الرأفة وحرص الوالدين على الطفل فإنهم يحاولان إسكاته بشتى الطرق حتى يصل بهم الأمر إلى ضربه أو تخويفه، لأنهم لا يعرفون فائدة البكاء للطفل.
وقال رسول الله (ص) في هذا المجال: "لا تضربوا أطفالكم على بكائهم، فإن بكاءهم أربعة أشهر، شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه..".
توضيح: يحتمل أن يكون المراد بالخبر مع ضعفه، أن لوالديه ثواب هذه الأذكار والأدعية، فينبغي أن لا يملوا لبكاء الطفل، ولا يضربوه... وقال بعض المحققين: إن السر في أن الطفل أربعة أشهر لا يعرف سوى الله (عز وجل) الذي فطر على معرفته وتوحيده، فبكاؤه توسل إليه، والتجاء به سبحانه، خاصة دون غيره، فهو شهادة له بالتوحيد، وأربعة أشهر أخرى يعرف أمه من حيث أنها وسيلة لاغتذائه فقط لا من حيث أمه، ولهذا يأخذ اللبن من غيرها أيضاً في هذه المدة غالباً، فلا يعرف فيها بعد الله إلا من كان وسيلة بين الله وبينه في ارتزاقه الذي هو مكلف به تكليفاً طبيعياً من حيث كونها وسيلة لا غيرها وهذا معنى الرسالة، فبكاؤه في هذه المدة بالحقيقة شهادة الرسالة، وأربعة أشهر أخرى يعرف أبويه وكونه محتاجاً إليهما في الرزق، فبكاؤه فيها دعاء لهما بالسلامة والبقاء في الحقيقة(2).


وقد يبكي الطفل لأسباب كثيرة منها عن ألم في جسمه فيبكي بسببه، ويبكي الطفل؛ لأنه جائع يريد الحليب، وعندما يرتوي يضحك، أو يؤخذ شيء أو حاجة له وهو يحبها، فيبكي لاسترجاعها، وأحياناً يبكي من أجل جلب انتباه والديه له، وخاصة عندما يشعر الطفل أن أبويه لا يهتمون به.
ومن الأمور التي يجب القيام بها من قبل الوالدين هو معرفة سبب بكاء الطفل؛ لكي يقوما بسدّ وتأمين حاجات الطفل ومتطلباته بشكل يرضي الطفل، بدلاً من إهماله أو ضربه أو تخويفه، مما يسبب ضرراً للطفل على حياته وشخصيته مستقبلاً؛ لأن الأطفال هم مستقبل البلاد.. والله الموفق.




































ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) المصدر: صحيفة صدى الروضتين/ العدد 275- صحيفة عامة مستقلة نصف شهرية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية
 في العتبة العباسية المقدسة- الأستاذ كامل حسين الجنابي.
(1) بحار النوار: 57/ 381.
(2) المصدر نفسه.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا