تأثير الأم على نمو الجنين الجسدي والنفسي
2019-10-10 11:28:26
911

أختي العزيزة إن تأثير الأم على نمو الجنين الجسدي والنفسي كبيراً جداً فالاضطراب والقلق والخوف والكبت وغير ذلك يترك أثره في اضطراب الوليد عاطفياً، فالجنين يتأثر بالأم ومواصفاتها النفسية وما يطرأ عليها في مرحلة الحمل من عوامل إيجابية أو سلبية وإن الاضطرابات العصبية للأم توجه ضربات قاسية الى مواهب الجنين قبل تولده الى درجة انها تحوله الى موجود عصبي لا اكثر ومن هنا يجب ان نتفهم مدى اهمية التفات الأم في دور الحمل الى الابتعاد عن الافكار المقلقة والهم والغم والاحتفاظ بجو الهدوء والاستقرار.

كما أن فترة الحمل تؤثر في الثبات العاطفي للطفل إيجاباً أو سلباً وقد أكد الإسلام على هذه الحقيقة قبل أن يكتشفها علماء النفس في وقتنا الحاضر فقال رسول الله (ص وآله): ((الشقي من شقى في بطن امه والسعيد من سعد في بطن أمه)) والمقصود من الشقاء والسعادة في بطن الأم هو تلك الانعكاسات التي تطرأ على الجنين تأثراً بالحالة الصحية والجسدية والنفسية للأم فتولد فيه استعداداً للشقاء أو للسعادة فبعض الأمراض الجسدية تؤثر على الجنين فيولد مصاباً ببعضها وتلازمه الإصابة الى الكبر فتكون مصدر الشقاء له أو يكون سالماً من الأمراض فتكون السلامة ملازمة له وكذلك الحالة النفسية والعاطفية فالقلق أو الاطمئنان أو الاستقرار والخوف وعدمه وغير ذلك يؤثر في الجنين ويبقى ملازماً له ما لم يتوفر له المحيط الاجتماعي المثالي.

أيتها الأخت الكريمة أما المرحلة التالية لمرحل الحمل مباشرة هي مرحلة ولادة الطفل وتعتبر أول محيط اجتماعي يحيط بالطفل لأنها الأساس في البناء الجسدي والعقلي والاجتماعي للطفل ولها تأثيرها الحاسم في تكوين التوازن الانفعالي والنضوج العاطفي ولذلك ركز المنهج الاسلامي على إبداء عناية خاصة بالطفل في هذه المرحلة متمثلة بالقيام ببعض الأعمال ومنها مراسيم الولادة والتي تبدأ منذ اليوم الأول وحتى اليوم السابع من الولادة للحفاظ على صحة الطفل الجسدية والنفسية معا فاول عمل يقوم به الوالدان هو أسماع الطفل اسم الله تبارك وتعالى فعن الامام ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) قال: (( قال رسول الله (ص وآله) من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم)).

والعصمة من الشيطان هي تحصين الطفل من الانحراف بتقوية الإرادة كما يستحب تسمية الوليد باحسن الاسماء ولا احسن من اسم محمد وهو اسم خاتم الأنبياء والمرسلين وأكد رسول الله (ص وآله) على هذه التسمية بقوله من ولد له أربعة أولاد ولم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني)) فالأسماء الحسنة تحصن الطفل من السخرية والاستهزاء من قبل الآخرين فلا تكون سبباً للشعور بالنقص كما هو الحال في الأسماء المستهجنة.

ومن مراسيم الولادة العقيقة وهي ذبح شاة في المناسبة وحلق رأس الطفل كما جاء في قول الإمام الصادق(ع): (( عق عنه واحلق راسه يوم السابع وتصدق بوزن شعره فضة)) والعقيقة التي هي مصداق للصدقة تمنع البلاء وتقي الطفل من المخاطر ولعل فيها آثار نفسية حسنة للطفل حينما يترعرع ويفهم أن والديه قد اعتنوا به في ولادته وهي ذكرى حسنة عند من وصلته تلك العقيقة أو بعضها ومن مراسيم الولادة الختان، فقال الإمام الصادق(ع): (( اختنوا أولادكم لسبعة أيام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم)).


    كما أن الإسلام أولى عناية كبيرة لحليب الأم الذي يعتبر المصدر الأساسي والوحيد لتغذية الطفل في الأشهر الأولى من حياته وأفضل الحليب حليب الأم؛ لأن عملية الرضاعة لها تأثيرها على الجانب العاطفي للطفل والأم هي أفضل من تمنحه الحنان والدفئ العاطفي بدافع غريزة الأمومة التي أودعها الله تعالى في المرأة حيث تصب ركائز مشاعر الطفل وأحاسيسه من أولى أيام الرضاع وتتوثق أواصر المحبة بين الطفل وأمه عن طريق الرضاع فيكون الطفل أقل توتراً وأهنأ بالاً وأسعد حالاً، فحليب الأم أفضل غذاء للطفل من الناحية العلمية وفي الحالات الاستثنائية التي تعيق عملية الرضاعة بسبب قلة حليب الأم أو مرضها أو فقدانها بالموت أو الطلاق فاكد أهل البيت (ع) على اختيار المرضعة المناسبة والملائمة ضمن مواصفات معينة قال مولانا علي (ع): ((انظروا من ترضع اولادكم فان الولد يشب عليه )) فالحليب ونوعية المرضعة يؤثر على الطفل من ناحية نموه الجسدي والنفسي وهناك مواصفات عند المرضعة حبذها أهل البيت (ع) في الاختيار إذ قال الامام الباقر (ع) : ((استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي)) كما أمر رسول الله (ص وآله) بالوقاية من لبن البغية والمجنونة فقال: ((توقوا على أولادكم من لبن البغية والمجنونة فإن اللبن يعدي)) وقال (ص وآله): (( لا تسترضعوا الحمقاء فإن الولد يشب عليه)).

كما وضع أهل البيت برنامجاً في أسلوب الرضاعة ومدتها وهو الرضاع من جهتين وإطالة مدتها الى واحد وعشرين شهراً إذ قال الإمام الصادق (ع) لإحدى النساء: (لا ترضعيه من ثدي واحد وارضعيه من كليهما يكون أحدهما طعاماً والآخر شراباً)) وقال (ع): (( الرضاع واحد وعشرون شهراً فما نقص فهو جور على الصبي) فطول مدة الرضاعة لها تاثير إيجابي على الوضع النفسي والعاطفي للطفل وتعتبر من أهم المراحل في البناء العاطفي للطفل حيث تحتضن الأم طفلها وتضمه الى صدرها، فيشعر بالحنان والدفئ وفي هذا الصدد تقول إحدى عالمات النفس: ( إن الطفل الذي ينعم بحنان أمه المتدفق خلال العام الاول والثاني من عمره يشعر بالأمان وعادة لا يشعر بالقلق او الخوف فيتصرف بتلقائية عندما يبلغ سن الثالثة أو الرابعة والطفل الذي يشعر بالطمأنينة يتمتع بالثقة بالنفس ويتعامل مع الاخرين بسهولة ويندمج مع الأطفال في مثل عمره) ومناغاة الطفل في هذه المرحلة لها أهمية كبيرة إذ انها تؤثر على نموه اللغوي والعاطفي في المستقبل فكانت السيدة الزهراء تناغي الإمام الحسين (ع) وتقول: " أنت شبيه بأبي لست شبيها بعلي".
































ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج أولادي- الحلقة الثالثة- الدورة البرامجية 36.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا