صداقة الوالدين لأبنائهم
2020-03-08 08:42:05
375

إن من أفضل الطرق في التربية هو التعامل مع الأولاد بالصداقة، بعيداً عن التخويف والترهيب،فبعض الأسر تعتقد أن إغداق الهدايا الوفيرة والمال الكثير هي التربية، وألا يحرم الأهل ابنهم من أي شيء، لكن لا يعتبر هذا دليلاً على حب الآباء لأطفالهم؛ لأن بعض الدراسات التربوية أشارت إلى أن الأمراض النفسية والميول العدوانية والفشل في الدراسة لدى الأطفال، مرده إلى عدم وجود من يستمع إليهم.

الحديث إلى الطفل أمر ضروري لتنمية عقله وذكائه، إذ لا يكفي تعريض حواس الطفل لخبرات كثيرة متنوعة، بل على الحاضن أو الحاضنة، أن تتحدث إلى الطفل بصفة مستمرة عما يراه، أو يسمعه، أو يلمسه، أو يشمه، أو يتذوقه، وإذا لم يتم هذا الحديث ويتنامى، ، فلن يحصل الطفل على حقه في الاستماع إليه من الراشدين، فسيصاب بالأمراض النفسية والفشل الدراسي والميول العدوانية.

ولأن الأسلوب الأصح في التربية هو الحوار، فإن بناء صداقة مع الأبناء يتطلب من الأهل أن يمنحوهم الوقت الكافي للمناقشة والحوار، إضافةً إلى ذلك تقديم المساعدة والعون والخبرة والاستمتاع برفقتهم، مع عدم التدخل في تفاصيل حياتهم، واحترام منهجهم في الحياة، ولكي تنمو صداقة بين الأبناء والآباء، لا بد من توافر ثلاثة أمور: 

أولاً: الوقت.

ثانياً: مساحة للتحرك معاً.

ثالثاً: المشاركة الحقيقية، بعيداً عن النصائح والأوامر.

 فالمسألة ليست شعاراً اسمه الصداقة، أو إعلاناً من جانب الأب: "أنا صاحبك يا بني"، دون أي إجراء لإرساء الثقة أو سلوك يساعد على ازدهار الصداقة؛ كأن يذهب أفراد الأسرة جميعاً أسبوعياً إلى حديقة عامة، بدلاً من مكوثهم في مكان مغلق أمام شاشة التلفزيون، وهم صامتون بدون أن يتبادلوا كلمة واحدة.

ولا توجد  قواعد ثابتة في العلاقات البشرية إلا الصدق وتصحيح الأخطاء أولاً بأول من خلال الممارسة، أما مقولة "أن البنت تصادق أمها، والولد يصادق أباه"، فهي مقولة ليست صحيحة، فالأب يمكن أن يصادق ابنته، كما يصادق ابنه على حد سواء، وكذلك الأم، ولا شك  في أن تربية الأبناء مسؤولية كبيرة تسوجب من الأهل أن يمدوا مع أبنائهم جسور التواصل والتقارب، وأن يحاولوا استيعابهم واستيعاب أعمارهم، والمتطلبات التي تفرضها هذه الأعمار، مع الالتفات إلى أهمية أن يكون هناك ضوابط، حتى لا تتفلت هذه العلاقة، ويفقد الأهل دورهم الرئيس مع أولادهم.

إن مشكلة الأهل مع أولادهم في أحيان كثيرة، تعود إلى عدم الاهتمام بنفسية الطفل، والاستغراق في المشاكل المادية أو الاجتماعية، التي تشغلهم عن أولادهم.

والان دعونا نتطرق الى قواعد الصداقة بين الآباء والأبناء وإليك أهمها:

الاحترام والحب مهما كانت العيوب، فعليك ان تعامل ابنك كما يحب ان يعامله أصدقائه وبنفس الكلمات التي يخاطبونه بها ، امدحه، اثني عليه، ارفع من قيمته، أتح له الفرصة ليعبر عن مشاعره وإمكاناته.

إضافة الى أهمية التقدير بين الطرفين خاصة أمام الآخرين وعدم تجاوز الخطوط الحمراء بين الطرفين  كاستهزاء، وتقليل قيمة.

لابد أيضاً من عدم الاعتداء على الخصوصية (المكانية والزمنية) لأننا لا نسمح لأصدقائنا مثلاً أن يبحثوا في أشيائنا الخاصة أو يقتحموا خلوتنا أو يزورونا في كل وقت. 
من الضروري أيضاً توفير الأمن وعدم الشعور بالخوف أو العقوبة بسبب الأقوال أو الأفعال، وحسسه دائماً بكلمة أنا موجود لمساعدتك إذا احتجت إلي.. وساخصص لك الوقت الكافي ( للحوار واللعب والشكوى والاستماع) وسأشعرك بأنني مستمتع في الحوار واللعب معك.. أحياناً أمارس معك دوري كوالد وأحيانا كصديق والسبب في هذه الصداقة: من أجل حمياتهم جسدياً وعقلياً ونفسياً، ولتربيتهم وتنشئتهم النشأة الصالحة  وكذلك نقل تجاربنا لهم وإشباع الجوانب العاطفية لديهم وتنمية شخصياتهم وتدعيمها ايجابيا  اضافة الى تخليصهم من المخاوف والتوترات لاجل غرس المبادئ والقيم فيهم ومن أشكال و طرق هذه الصداقة الحوار اليومي والمزاح  اضافة الى مشاركة الاهتمامات والهوايات واللعب، وتبدأ هذه الصداقة مستمعاتي منذ اليوم الأول لولادتهم  كمنادتيهم بأسمائهم التي يحبونها، واللعب معهم ، وحملهم، وان نروي لهم القصص والتجارب ،اضافة الى احتضانهم وإشعارهم بالأمان. 

والاستماع لهم إذا عادوا من المدرسة ولابد كذلك من تقدير مشاعرهم ومخاوفهم وطمئنتهم وقص القصص عليهم وأذا كنت تعتقدين  بأن الفرصة الان قد مرت وانتهت فذلك غير صحيح أبداً، حاولن دائما واصبرن وكررن المحاولة.


واخيراً، فلنمنح أطفالنا المحبة والعاطفة والاحترام والثقة، كي نكسب حبهم واحترامهم وثقتهم، وبذلك نستطيع أن نمثل لهم القدوة التي يتمثلونها، ويمكن بعدها أن نمارس سياسة اللين من دون ضعف، والحزم مع الرحمة، ونفرض هيبتنا التي تدعوهم إلى أن يسلكوا الطريق الذي نرغب بعفوية وإرادة".

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج ربيع وزهر- الحلقة العاشرة- الدورة البرامجية51.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا