المشاكل النفسية للأطفال
2020-03-05 10:47:57
630

لا شك من أن مرحلة الطفولة والمراهقة المبكرة هي أهم فترة في حياة الإنسان ليس من الناحية الصحية والتعليمية فقط بل من ناحية التكوين النفسي، حيث تعتبر هذه المرحلة  مرحلة ترسيخ الأفكار والعادات والسلوكيات التي يتأثر بها الطفل في بيئته سواء كانت من الأسرة أو المدرسة أو حتى خارجها والتي تشكل شخصيته مع تنامي نموه حتى يصل إلى سن البلوغ والمراهقة.

إن الأسرة المترابطة التي توفر جواً آمناً من الحب والرعاية والتي تراعي القيم الإيجابية وتبعد الطفل عن العادات والقيم السلبية وتشجعه على استغلال مواهبه وقدراته وتعوده على التعاون والمشاركة في جو من المحبة والألفة كل هذا يكون النواة الأولى للرعاية النفسية للطفل الصغير، والمدرسة كذلك تكون استمرار يكمل مسيرة الأسرة وتنمي في الطفل الثقة بالنفس والثقة بالآخرين والتعاون والمشاركة وإيثار المصلحة العامة ويجد فيها الفرصة لتأكيد ذاته في جو تربوي يساعد الطفل على اكتمال نضج شخصيته ويكسبه المناعة اللازمة التي تمكنه من التأقلم مع متغيرات الحياة مستقبلاً وينتقل للجامعة حيث يزداد الرصيد من المقومات النفسية التي تزيد من قدراته وعطائه للآخرين، وفي هذه الحلقة سنحاول تسليط الضوء على أهم المشاكل النفسية التي قد تعترض الطفل في هذه المرحلة وأسباب هذه المشاكل والتي علينا أن نضعها دائماً في الاعتبار ونتجنبها قدر الإمكان حتى ننعم بأطفال يتمتعون بصحة نفسية جيدة.

إن أسباب المشاكل النفسية للطفل بشكل عام إلى أسباب مصدرها الأب والأم، وأسباب مصدرها الأم وأسباب مصدرها الأب إضافة إلى أسباب مصدرها الطفل نفسه، وتعود الأسباب التي مصدرها الأب والأم للمعاملة القاسية للطفل والعقاب الجسدي والإهانة والتأنيب والتوبيخ، والتي تؤدي إلى توقف نمو ثقته بنفسه فيملأه الخوف والتردد في أي شيء يفكر بالقيام به ويصبح عرضة للمعاناة النفسية والخلافات العائلية التي تجبره على أن يأخذ جانبا إما في صف الأم أو الأب مما يدخله في صراع نفسي.

كذلك مسألة التدليل والاهتمام بالطفل الجديد؛ فان مجيء وليد جديد يعتبر صدمة قوية قد ينهار بسببها كثير من الأطفال.. فالطفل يتضايق إلى حد الحزن حين يرى طفلاً آخر قد حظي بما كان يحظى به ويمتلك أشياء لا يمتلكها أحد سواه، وكل هذا بسبب تدليل الوالدين للطفل الجديد أمامه وعدم الاهتمام به كما كان من قبل كالصراع الذي يحدث بين الأب والأم للسيطرة على الطفل والفوز برضاه فيجد الطفل فيما بعد منهم توجيهات وأوامر متناقضة مما يضع الطفل في حيرة شديدة وعجز تعرضه لمعاناة نفسية كبيرة وتؤهله للأمراض النفسية فيما بعد.

إضافة إلى ذلك نجد احيانا عدم وجود تخطيط وتعاون بين الاب والام لتنمية شخصية الطفل و تنمية قدرته العقلية، فيجب الأنتباه إلى أن التقتيرالشديد على الطفل وحرمانه من الاشياء التي يحبها رغم امكانات الاسرة التي تسمح بحياة ميسورة تأثيره تماما كالاغداق الزائد عليه وتلبية كل طلباته  والمصروف الكبير الذي يعطى له بما لايتلاءم مع عمره ومايصاحب ذلك من فقدان الأب والأم بعد ذلك السيطرة والقدرة على توجيه الطفل وتربيته.

أما الأسباب التي مصدرها الأم فبعضها يكون قبل الولادة كتناولها عقاقير تضر بالجنين اثناء الثلاثة أشهر الأولى من الحمل أو ممارستها لعادة التدخين السيئة مما يؤثر على قدرات الجنين العقلية.

وتأتي الأسباب التي مصدرها الاب لتلعب ايضا دورا  في اضطرابات الطفل النفسية ، كالأب المسيطر  الذي يمحو تماما شخصية الأم و يلغي دورها و أهميتها حيث تتأثر نفسية الطفل كثيرا حينما يرى أباه وهو يشتم أمه و يضربها أمامه، كذلك عندما يكتشف ان أباه يكذب عندها يفقد احترامه لأبيه ويبدأ في المعاناة التي قد لاتظهر الا عندما يكبر ومما يؤثر على نفسية الطفل انشغال الاب الزائد بعمله وعدم تخصيص وقت كاف للجلوس مع أطفاله والاهتمام بهم، مما يجعل الطفل يفتقده كمثل اعلى وكمعلم ومرب وقدوة.

هذه الأسباب كلها يخلقها الوالدين وتؤثر على الطفل إلا إنه هناك أسباب تكون موجودة عند الطفل نفسه قد تكون سببا في مشاكله النفسية 
كتواضع قدراته الذكائية مقارنة بزملائه في المدرسة، مما يجعله يشعر بالنقص والخجل و خاصة اذا تعرض الى ضغط زائد من مدرسته، ووجود عيب خلقي عند الطفل يعرضه لسخرية بقية الأطفال.

ولكن ماهي المشاكل والاضطرابات  النفسية التي قد  تعترض الطفل؟

  قد يصاب الطفل وللأسباب التي تحدثنا عنها أخواتي بالاضطرابات العاطفية، كالقلق، والخجل، والميل إلى البكاء والحزن، وقد تظهر على شكل أعراض جسمية كالاستفراغ واضطراب النوم والشهية أو السمنة، وتناقص أداء الطفل في المدرسة، اضافة الى الاكتئاب النفسي كما أنه من الممكن ايضا أن يصاب بأمراض الشخصية، كالشخصية التجنبية والشخصية المعارضة التي تتسم بالعصيان والتمرد والعناد وإثارة الآخرين.

واضطراب السلوك كعمل تصرفات غير لائقة مثل انتهاك حقوق الآخرين والتخريب وإشعال الحرائق والسرقة والكذب والهروب من المدرسة 
كذلك ظهور بعض العادات غير المستحبة كمص الأصابع وقضم الأظافر.

 وفي الختام نقول: إن الطفولة هي حجر اساس لبناء شخصية الانسان مستقبلاً وبما أن لها دور كبير في توافق الانسان في مرحلة المراهقة والرشد فقد ادرك علماء الصحة النفسية أهمية دراسة مشكلات الطفل وعلاجها في سن مبكره قبل أن تستفحل وتؤدي لأنحرافات نفسية وضعف في الصحة النفسية في مراحل العمر التالية، وقد تبين أن توافق الانسان في المراهقة والرشد مرتبط الى حد كبير بتوافقه في الطفوله فمعظم المراهقين والراشدين المتوافقين مع انفسهم ومجتمعهم توافقا حسنا، كانوا سعداء في طفولتهم قليلي المشاكل في صغرهم بينما كان معظم المراهقين والراشدين سيئي التوافق تعساء في طفولتهم كثيري المشاكل في صغرهم.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج ربيع وزهر- الحلقة التاسعة - الدورة البرامجية51.

 

 


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا