الطفل وبناء الشخصية القوية
2020-02-29 07:56:50
202

إن الطفل يولد خالياً من الخبرات والمعارف والسلوكيات الاجتماعية، ويتلقى الدروس الأولى في العلاقات الاجتماعية والإنسانية من أسرته بشكل عام، ومن والديه شكل خاص، بما يسهم في تكوين شخصيته المتوازنة، وتشكيل وعيه وإدراكه لذاته ولمحيطه الاجتماعي، وبما يكفل له بالتالي التواصل الإيجابي مع الآخرين، والتكيف معهم وفـق علاقات إيجابية متبادلة.

ويجمع علماء النفس والتربية على أن الطفولة من أهم المراحل في تشكيل شخـصية الإنسان، وأكثرها تأثيراً في حياته العامة، ولاسيما تلك المرحلة التي يعيشها في كنف أسرته، حيث يجب أن تؤمن له متطلبات النمو السليم من الجوانب الجسدية والانفعالية والأخلاقية والاجتماعية، وبهذا تكتسب العلاقات الانفعالية الاجتماعية التي تربط الطفل بأسرته، أهمية خاصـة في تحديد معالم شخصيته الاجتماعية، وفق المعايير والقيم السائدة فـي المجتمع. 

ولكن هـذا يتطلب إحاطة الطفل بالرعاية والحب، والتعامل معه بسلوك اجتماعي سليم، بمـا يحقق النمو الإيجابي والتوافق في عملية الضبط الاجتماعي في السلوك الداخلي والخارجي. 

وتختلف تصرفات الأطفال حسب شخصية كل منهم لكن انعدام الثقة بالنفس تترك تأثيراً سلبياً كبيراً على تصرفات الطفل، فمثلاً أيتها الأخوات نجد الطفل الغير واثق في نفسه لا يستطيع إتخاذ القرارات، ولا يستطيع الإختيار بين الأشياء، وأيضاً يخاف أن يخطئ فيتم توبيخه بشدة، فنجده متردد، يشعر أن الناس تنظر إليه دائماً وترى عيوبه، ويشعر بقلق من التجمعات، ويخجل من نفسه أيضاً وقد يؤدي ذلك إلى انعزاله.

إن الشعور بالثقة ينبع من التقدير؛ فالتقدير ينبع من امتداح الأهل بعد قيام الطفل بأي سلوك مستحب؛ فإمتداح سلوكه يزيد من دافع تكراره فيصبح عادة مستحبة وثابتة، أما عند قيام الطفل بسلوك غير مستحب فيلزم تجاهله، لا لانتقاده، توبيخه أو عقابه، فإن تجاهل السلوك غير المستحب مستمعتي يضعف من تكراره فيتلاشى تدريجياً وبوقت قصير. 

كلما شعر الطفل بأن أهله والمحيطين به يركزون على سلوكه المستحب ويهتمون بتقديره واحترامه كلما زادت ثقته بنفسه وعلا تقديره الذاتي. 

أما حين يحتاج الطفل للتعبير عن ضيقه أو قلقه لا لتصحيح مشاعره أو تصنيفها بالصح والخطأ، فالإصغاء لمشاعره واحترامها حاجة لتعزيزه العاطفي وشعوره بالاطمئنان وهذا يؤثر على زيادة الثقة والتقدير الذاتي. 

ويجب أن نذكر أن للقصص فائدة مهمة فهي تساعد الطفل في تحسين طريقته بالتعبير فإن قمتي مثلاً بطلب من طفلك في نهاية سرد القصة بأن يكتب ما فهمه منها فهذا يساعده على تحسين خطه في الكتابة وكذلك يصبح يتقن الإملاء.

والقصص أيضاً تؤثر في شخصية الطفل فعندما يكبر يصبح له تفاعل خاص مع المجتمع ولكن إن لهذه القصص شروط وأهداف مثلاً حاولي أن تأتي بقصة متسلسة الأحداث، وأن تكون القصة سهلة الأسلوب وواضحة المعنى.
واحرصي على أن يكون طرحكي للقصة شيقاً.

وان لا تحتوي على ما يدعي للخوف أو الرعب أو العنف، وليكن فيها حكم وأخلاق ومواعظ تنمي مواهب الطفل، إضافة الى أن تشتمل على آيات قرآنية وأحاديت لتوعية طفلك بالجانب الديني، ومن المهم أن تكون قصة قصيرة لكي لا يمل الطفل. 

يجب أن نضع في عين الاعتبار أن الطفل مر بمراحل مختلفة خلال نموه، قد تكون صعبة الى حد ما، لا سيما في حالات تغيير المزاج وتكوين الشخصية.

والمتخصصون يشيرون الى أن كل مرحلة من عمر الطفل تعدّ مميزة، بل مميزة جداً، اذ يكتشف الطفل نفسه ويعبر عنها بطريقته الخاصة.

وقد تتخذ في بعض الأوقات طابعاً سلبياً يخيف الأهل، لكن المتخصصين في هذا المجال يؤكدون أن على الأهل عدم الخوف وبالتالي توفير الاحساس بالأمان لطفلهم في هذه الفترة التي يعد فيها حصول تقلبات في شخصيته شيئاً طبيعياً جداً، فبين سني الخامسة والسادسة يبدأ الطفل باكتساب دقة الملاحظة في شكل لافت وسريع اضافة الى حفظ الكثير من الكلمات الصعبة لغوياً الى حد ما، لإثبات وجوده وجذب الانتباه اليه، محاولاً بالتالي ارضاء المحيطين به، ولا سيما خوض غمار التحدي في المدرسة ويمكن وصف الطفل في هذه السن بأنه ميال جداً الى التحرر ومحب للتعاون الى أقصى الحدود مع بروز الالحاح على كل ما يريد.

ويجب هنا تشجيع الطفل للمحافظة على حماسته ونشاطه في المستقبل، لا سيما وأنه يصبح أكثر إلماماً بالأمور الاجتماعية والمشاركة فيها خصوصاً بعد العودة من المدرسة، وكلما اقترب من سن السادسة مستمعاتي سيزداد ميله الى الثورة وإثبات الذات أكثر وأكثر، وبالتالي، سيحاول في بعض الأوقات امتحان صبر الأهل.

وتعد سن السادسة، سن الثورة بكل معنى الكلمة. وينصح المتخصصون بإعطاء الطفل هامشاً من الحرية في أخذ قراراته، لا سيما اعطاء رأيه في ما يريد أن يلبس أو يقرأ، لأنه سيكون مسروراً الى أقصى حد لشعوره بأنه يملك حرية التصرف بأشياء معينة، فالأطفال ايتها المستمعات في هذه السن لا يحتاجون الى شيء أكثر من الحب والاهتمام والحنان الدائم؛ ففي هذه السن يكون الطفل قابلاً للتعلم والتركيز في أي نشاط يقوم به.


بينما نجد إن الطفل بين سني السابعة والثامنة يكون قد اكتسب نسبة لا بأس بها من المعلومات تساعده في تكوين أصحاب في المدرسة بسهولة، وتعلمه كيفية التعامل مع غيره، ويستمر في تعلم أشياء جديدة كالكتابة، ففي هذه السن يكون الطفل مليئاً بالطاقة والحيوية والنشاط، ويتقدم في طريق تكوين شخصيته الخاصة، الى جانب شخصية الطفل المحب بطبعه للتسلية والمغامرة والضحك والتحدي.

ويجدر بالأهل هنا مساندة الطفل في هذه السن على حل مشاكله، كما تعتبر السن الأنسب لتعليم الطفل كيفية انجاز بعض أعماله من دون أي مساعدة وصولاً الى إعداد طعامه بنفسه، ومن خلال هذه الطريقة يسهم الأهل في تعويد الطفل الاعتماد على نفسه وتقوية شخصيته.

وخلاصة القول أن ملامح الشخصية لا تظهر فجاة عندما يكبر الطفل، لكنها تكون نتيجة لتفاعلات مختلفة في مواقف كثيرة متفرقة، وإرشادات وتصرفات وإعتبارات وتوجيهات وأحداث تؤثر فيه منذ طفولته.

 والثقة بالنفس أحد العوامل المؤثرة في تكوين شخصية الطفل؛ فبناء الثقة بالنفس عند الطفل أو تربية الأبناء على الثقة بالنفس لا يحتاج إلى الأموال الطائلة، أو الإمكانيات المادية المعقدة. 

ولكن تحتاج إلى قوة إيمان وبناء فكر سليم، وإرادة صلبة، وعزيمة قوية؛ تجعل صاحبها لا يسمح للسلبيات أن تضعفه، ولا يسمح للخوف من الفشل أن يثنيه عن أداء واجبه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج ربيع وزهر-الحلقة الأولى- الدورة البرامجية 51.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا