اللعب والتطوير الإبداعي لدى الطفل
2020-02-09 09:41:23
212


لأختي الكريمة.. ليس بالذكاء وحده ينجح الإنسان في حياته لذلك تطالب الدراسات الحديثة الوالدين بالاهتمام باكتشاف قدرات الأبناء الإبداعية بدلاً من التركيز فقط على قياس مستوى ذكائهم؛ لأن تنمية القدرات الإبداعية تقودهم إلى التفوق والتميز، وتؤكد الدراسات أن لدى كل طفل موهبة تختلف عن غيره وهي قدرات حركية أو فنية أو علمية، وخصوصاً في مرحلة الطفولة المبكرة؛ لأن هذه المرحلة الطفولة هي أهم المراحل في حياة الإنسان نظراً ذلك لما تتميز به من مرونة وقابلية للتعلم ونمو للمهارات والقدرات المختلفة، ومنها أن الأطفال في هذه المرحلة يميلون إلى التخمين والاستكشاف والتجريب، ويعد اللعب سمة مميزة لهؤلاء، حيثُ يستغرقُ جزءاً كبيراً من أوقاتهم، كما أنه يمثل أرقى وسائل التعبير في حياة الأطفال، ويكون عالمهم الخاص بكل ما فيه من خبرات تؤدي إلى تنمية جميع جوانب النمو.

ويعد اللعب مظهراً من مظاهر السلوك الإنساني في مرحلة الطفولة المبكرة التي تعد مرحلة وضع اللبنات الأولى في تكوين شخصية الفرد، وتؤكد الدراسات الحديثة أن اللعب هو أفضل وسائل تحقيق النمو الشامل المتكامل للطفل ففي أثناء اللعب يتزود العقل بالمعلومات والمهارات والخبرات الجديدة من خلال أشكال اللعب المختلفة التي تثري إمكانياته العقلية والمعرفية وتكسبه مهارات التفكير المختلفة وتنمي الوظائف العقلية العليا كالتذكر والتفكير والإدراك.

أختي الطيبة وتعد عملية اللعب بمثابة خبرات حسية عملية وتمثل بعداً مهماً في عملية التعليم وتنظيم البيئة المتحدية لإمكانيات الطفل وقدراته فالطفل يتعلم ويتذكر المعلومة التي ترتبط بالخبرة الحسية والممارسة العملية في حين أنه يصعب عليه تذكر أو استيعاب المعلومة التي تقدم له بصورة شفهية أو مجردة وهو يستمتع بالخبرة عندما يتعامل معها مباشرة ويتداولها ويسهل عليه خزنها في الذاكرة ويسهل عليه استدعاؤها عند الحاجة إليها .كما يؤدي اللعب مستمعتي دوراً أساسياً في تنمية القدرة على الابتكار عند الطفل لأننا نجده وهو يلعب يحول اللعب إلى مسألة جدية يضع فيها كل قوته ويتعامل معها بكيانه ومشاعره سواءً كان ذلك ببناء المكعبات أم عمل نماذج من الرمال في شكل أكوام أو بناءات أو ملاحظة لعبة وهي تجري أمامه بعد دفعها والتعامل معها تعامل الفاهم المقتدر، كما إن العلاقة بين لعب الطفل وتفكيره علاقة وثيقة لذا فليس من الصواب عدّ لعب الطفل عبثاً ومضيعة للوقت، فقد أكدت جميع النظريات الحديثة للنمو العقلي على أن أصل الذكاء والتفكير الإنساني يكمن فيما يقوم به الطفل الصغير من نشاط وحركة لعب وهذا مما يؤكد على أهمية اللعب في بناء تفكير الأطفال وعقولهم ونمو الكثير من العمليات العقلية العليا لديهم كمهارات التفكير والملاحظة والمقارنة والتجريب.

كما ويساعد اللعب على النمو المتكامل بالنسبة للطفل بل إنه يعد وسيلته للحصول على المعرفة سواء أكانت هذه المعرفة متعلقة بالعالم الخارجي أو ببيئته التي يعيش فيها. فعن طريق اللعب يكتشف أشياء جديدة غير مألوفة من قبل وينمو لديه دافع حب الاستطلاع فضلاً عن إعداده للحياة المستقبلية .هذا بالإضافة إلى تأكيد  نظريات النمو المعرفي والعقلي . أن اللعب خلال سنوات الطفولة المبكرة من عمر الطفل هو الرافد الأول والأكثر كفاءة لتعليم الطفل وتنميته، فاللعب يتثير حواس الطفل وينمي بدنه نمواً سليماً كما ينمي لغته وعقله وذكاءه  وتفكيره فعن طريق اللعب يستطيع اكتساب أصعب المفاهيم العلمية والرياضية وكذلك قدراته الإبداعية.

نعم عزيزتي الأم عندما يلعب الأطفال فإنهم لا يهتمون بتحقيق هدف بل يخبرون تركيبات سلوكية غير عادية قد لا يخبرونها لو كانوا تحت ضغط تحقيق هدف وإن الأفكار التي يستخدمها الأطفال في اللعب لها أثر فعال على المرونة العقلية هذه الأمور تمكن الأطفال من مزج الأفكار معاً بطريقة جديدة مما ينتج عنه مجموعة من الأفكار الجديدة لدى الطفل.

إن عالم الطفل عالم لعب يعتمد على الاستكشاف والنشاط والاستغراق الشامل في كل خبرة يحقق من خلالها المتعة والسرور ويكتسب المهارات والافكار التي تنمي قدراته الإبداعية والجسمية والاجتماعية واللغوية والعاطفية . كما ينظر إلى اللعب أيضاً على أنه وسيلة مهمة لتفهم الطفل ذاته والتوفيق بين الخبرات المتعارضة التي يمر بها ومن خلال أنشطة في اللعب يستطيع الكبار اكتشاف مواهب الأطفال وقدراتهم وابتكاراتهم منذ سن مبكرة .ويعد اللعب بمختلف صوره نشاطاً حركياً سائداً في مرحلة ما قبل المدرسة أو فترة الحضانة وعن طريق اللعب يمكن أن يتقدم نمو الطفل في جوانبه الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية الحركية كما يعد اللعب وسيلة لتصريف ما لدى الطفل من طاقة زائدة؛ لأن الطفل يمتلك طاقة كبيرة يصرف هذه الطاقة في اللعب ويوجه تلك الطاقة وجهة بناءة ويتميز اللعب أيضاً بأهميته التعليمية والإبداعية.

إذاً أختي الطيبة.. باستطاعتنا نحن الامھات وحتى الآباء والمربون والمعلمون أن نصنع جیل مبدع ولكن یحتاج تحقیق ھذا الھدف إلى أن نصرف جھوداً عظیمة في سبیل تحقیقھ؛ لأن ھذه المسألة لا تتحقق بالصدفة وإنما بالجھود التي تبذل من أجل ذلك، فعلینا أن نبحث عن طرق عدیدة وسبل كثیرة لنعتمد علیھا أثناء قیامنا بھذا الواجب العظیم، ومن هذه السبل:

- الشعور بأھمیة إعداد جیل مبدع وحاجتنا الملحة لھذه النماذج التي بھم یتقدم المجتمع وتزدھر الحضارات.


- القناعة بالدور الكبیر الذي یمارسھ الاباء والمربون أي الاسرة بالدرجة الأولى وریاض الاطفال والمدارس بالدرجة الثانیة في تنمیة القدرات الإبداعیة والعقلیة لدى الأطفال من جانب وفي مجال التربیة وزرع القیم العلیا الجمیلة من جانب آخر.


- الاستمرار في البناء والإعداد كل بدوره ومن جانبه؛ لأن مثل ھذه الأهداف لا تتحقق بیوم ولیلة.


إذاً علينا أن نطبق ما نتعلمه وأن لا يبقى ما ذكرنا مجرد معلومات نحتفظ بھا في أذھاننا أو نتناقلھا فقط.

 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج روافد الإبداع - الحلقة الثانية عشرة - الدورة البرامجية 41.



 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا