معوقات تنمية قدرات الطفل الأبداعية
2020-02-09 09:12:09
113

من الطبیعي جداً أن توجد معوقات أمام أي عملیة نرید القیام بھا أو ھدف نرغب في تحقیقھ وخصوصاً اذا كان الأمر یتعلق باعداد طفل مبدع وتقدیمھ للمجتمع، ولكن الأمر غیر الطبیعي أن نبقى مكتوفي الأیدي ونقرر أنھ نظرا لوجود ھذه العوائق فاننا لن نستطیع أن نعد ھذا طفلا مبدعا وعلیھ ينبغي علینا أن نستسلم إلى الواقع و نفكر في أمر اخر والأمر الأكثر خطورة أن نقوم نحن بزرع ھذه العوائق في طریق أطفالنا ونحول بینھم وبین الإبداع.

إن على المربین والأم والأب أن یعملوا بجد لإزالة أي عائق یقف في طریق إبداع أطفالھم مع القناعة التامة بأن ما یبذلونھ من جھد لن یذھب ھكذا وإنما ستصب في مصلحة الطفل؛ لذا مستمعتي الفاضلة فإننا في ھذه الحلقة سنوضح بعض المعوقات التي تقف أمام إبداع الأطفال لیكون المربي على علم بھا ویعمل على إزالتھا من طریق الطفل، ومن هذه المعوقات:

- إھمال الوالدین وخاصة الاب.

- الاستھزاء بجمیع عملیات التفكیر الابداعي.

- النقد لحظة میلاد الفكرة.

- الشعور بالنقص ویتمثل ذلك في اقوال بعض الناس: (أنا ضعیف، أنا غیر مبدع...الخ).

- إضافة الى عدم الثقة بالنفس.

- الخوف من الفشل.

- الرضى بالواقع.

- الاعتماد على الاخرین والتبعیة لھم.

- عدم الاستقلالیة.

- التسلط من قبل المربین.

فإذا فكرنا في ھذه العوائق مستمعتي بالطبع نرى أنھ بإمكان المربین إزالتھا باعتمادھم على كیفیة تعاملھم مع الطفل وطبیعة البیئة التي یعیشون فیھا وهي (الأسرة) وطبیعة العلاقة المتبادلة بین أفراد الأسرة، فینبغي أن یحرص الوالدان والمربون على غرس الثقة بالنفس والشجاعة والطموح والاستقلالیة وعدم الخوف من الفشل وتكرار المحاولات والسعي للوصول نحو الأھداف الكبیرة والنظرة الإیجابیة للذات وإمكانیة التغییر نحو الافضل وغیرھا من الصفات والقیم التي تساعد الطفل بأن یكون ذا شخصیة قویة ومبدعة.

فما نزرعه الیوم نحصده غداً، مستمعتي والآن سنكون مع الطفل، ومعوّقات الإبداع والتفكير الإبداعي الحواجز التي تحُول بين أطفالنا وبين الإبداع في شتى مناحيه عديدة ومن تلك العوائق أن طرق التنشئة التربوية لأطفالنا داخل الأسرة وفي قطاع التربية، وفي القطاعات الأخرى التي لها نصيب في التعليم والتكوين كالمساجد والحسينيات، والمراكز الثقافية، وأماكن الترفيه العامة، ومراكز التكوين المهني، وغيرها من المؤسسات التي أغلبها تنظر إلى الطفل على أنه شخصٌ فوضوي، مدمّر، وعليه ينبغي أن يروّض وأن يُعامل بحزم، وحتى المرونة واللين والعطف معه لها حدود، لأن التمادي فيها يؤدي به إلى الميوعة والتمرّد والعصيان.

ولا أعتقد أن نظرة مثل هذه للبراءة ستفكر في الإبداع الطفولي أو ستعمل على إبرازه وتنميته بتوفير البيئة المساعدة له إن في مجتمعات القهر والتسلّط الذكوري، كما هو الحال في الواقع  يلحق بالمرأة النصيب الأوفر من القهر والاستلاب، واستلاب إرادة المرأة هو الذي يحرمها من اكتساب المعرفة وتطوير مواهبها، ممّا يمكّنها من التعامل بوعي وشعور بالمسؤولية الراقية في حياتها الخاصة والعامة.

ومن يدّعي جهلاً أو تجاهلاً أن وظيفة المرأة تتلخّص في الإنجاب والتنشئة، هو مخطئ، ذلك أن تربية الأطفال تتطلب خبرة بالحياة ومعارف خاصة فيما يتعلق بنفسية الطفل وآلية عملها وتفاعلها مع المؤثرات، والكثير ممّا يصدر عن الأم يترك آثاراً حاسمة في نفسية امرأة المستقبل رجل المستقبل و وذهنيتها ومجمل سلوكها.قد تفتح الأم وعْي الطفل على حقائق الحياة، وتؤسس لديه احتراما للذات وثقة بالنفس وقدرة ذاتية على ولوج دروب الحياة وتسامحا حيال الآخرين وتعاونا معهم ومشاركة وجدانية.وقد تغرس فيه انفعالية مشوّهة، وتعصّبا يغلق مجال الحياة على رحابتها مع الغير ومع الحياة، فالأم المُسْتلبة تعوّض استلابها بامتلاك الطفل وإغداق الحنان عليه أكثر مما هو ضروري، بحيث تعطل تدريبه على الاعتماد على الذات من خلال التجربة والصواب والخطأ.
وحيث ينشأ الطفل في حضن أمٍّ مضطَـهَدة يصعب عليه أن يكون شخصية مستقلّة ذاتية.وقد يكون هناك أسباب أخرى فضلاً عن ما ذكرت فقد يأتي القهر من الأبوين معاً في عدة أشكال مستمعتي الكريمة، منها:

ـ انعدام الاتصال: فهناك أعدادٌ لا تحصى من الآباء والأمهات يأنفون من الاتصال بأطفالهم، قد يشكو الأطفال من أنهم لا يستطيعون التحدث إلى والديهم أو التقرّب منهم..ونؤكد بأن الكثير من الأطفال في منازلهم يكونون في أحاديث حميمية، وألعاب وتوافق وانسجام وتلقائية فيما بينهم أو مع الأم، لكن بمجرد دخول الأب يعمّ المنزل السكون والكل ينزوي، فتتوقف الحركة والحياة.

ومن مسببات القهر سوء استعمال كلمة (لا) الزجرية وكلمة (نعم) الدالة على التسامح المفرط: ومنها أن هناك آباء وأمهات شديدو التزمت، عظيمو الرغبة في فرْض سلطتهما على أطفالهما وكذلك عدم مراعاة خصائص مراحل النمو وحاجات مراحل الطفولة.

ـ الابتعاد عن الأطفال: ومن الاخطاء الشائعة إن كثيراً من الآباء يتزوجون أعمالهم ووظائفهم ويُؤْثرونها على أطفالهم، نعم مستمعتي الفاضلة فهذه الأمور تعود الفرد منذ الطفولة على تلقّي الأوامر والنواهي، وحيث يتلقّى المعارف عن طريق التلقين والحشو وحدهما، فتتعطّل في نفسيته روح المبادرة والبحث والثقة بالذات، وتتعطل في ذهنيته مَلكةُ الإبداع  هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإبداع يتعارض مع القيود ومع القهر؛ فالإبداع عملية بناء، والقهر عملية هدْمٍ وإفْناء؛ فالقهر الأسري في مراحل الطفولة يترك شروخا في النفس لا تزول أبدا، وتبقى ظلالها القاتمة مؤثرة في حياة الفرد؛ فعلى الأب والأم البحث عن وسائل  الإبداع المتنوعة مثلا اللعب لدى الطفل، فهو الطريق إلى الإبداع فالطفل طاقة تزخر بالحياة والنشاط، ولا تنفك هذه الطاقة أن تتفجّر في شكل لعب وحركات بريئة، فاللعب طبيعة فطرية في الطفل جعلها الله غريزة في نفسه تساعده في تنمية وبناء الجسد والعقل بشكل طبيعي؛ فاللعب عند الطفل عمل مهمّ جداً وضروريّ له على كافة المستويات العقلية والنفسية والجسدية والاجتماعية والسلوكية، فاللعب هو حياة الأطفال، وهو أحد الحاجات الأساسية للنمو الطبيعي لدى الطفل، فهو نشاط حيوي يساعد على البحث والاكتشاف والتجريب والإبداع واكتساب الخبرات، وليس مضيعة للوقت وشغباً كما يعتقد الآباء.

اللعب يفتح الباب أمام الطفل للتعلم من خلال أدوات اللعب المختلفة التي تؤدي إلى معرفته للأشكال المختلفة والألوان والأحجام والتركيب والتحليل، والتمثيل وتقمّص الأدوار، والحصول على الخبرات والمعلومات المفيدة والمتنوعة من اللعب، كما تفجّر في الطفل طاقات الإبداع والابتكار، وتجريب الأفكار والاختراعات أحياناً، والتي تنمّي الذكاء والقيم المهارية والفكرية لديه.

إذا كانت هذه هي فوائد اللعب وضرورته في مراحل الطفولة فلماذا لا نحاربه لدى أبنائنا ونقمعه بشتى أساليب القهر من تنبيه وتوبيخ وعقوبات جسدية تسبب في الكثير عاهات دائمة وتكون خطيرة تؤثر على الحياة المستقبلية للطفل.

إذن أختي الفاضلة إن الطفولة أينما كانت لا يمكن لها أن تزدهر وأن تتطور إبداعياً خارج فضاءاتها التربوية السليمة؛ فالمجتمع بمكوّناته يتحمّل مسؤولية التنشئة؛ فضياع المواهب المبدعة تتحمّلها عملية التربية المتعاقبة التي تجبر الفرد على تشرّب وقَبول مفاهيم وتصوّرات وآراء اجتماعية تقف كمعامل مضادّ للإبداع.

 إن الإبداع لا يتكوّن من تلقين المعارف التي هي عطاء مشترك، وإنما يتأتى الإبداع من اكتشافه أولاً في مرحلة الطفولة المبكرة، ثم العمل على تنميته وفق طرق علمية وتشجيع وتوفير الشروط المساعدة على جعله إبداعا يرقى بأصحابه فكريا من جهة، وبالمجتمع فيما بعد من جهة أخرى، بكل أسف إدراكنا لهذه لا زال غائباً طالما نبخس المبدعين حقهم في التقدير والاعتراف بهم.




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج روافد الإبداع - الحلقة العاشرة - الدورة البرامجية 41.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا