يعد التفكير أرقى سمة يتسم بها الإنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى وميّزه على غيره من  سائر الكائنات الحية، ولقد حث الله سبحانه وتعالى البشر على التفكير في الكثير من الآيات القرآنية وكرم العقل والعلم والعلماء، وأن الأديان السماوية حثت على التفكير، والإسلام أحد هذه الأديان الذي عدَّ التفكير فريضة إسلامية وفريضة التفكير في القرآن تشمل العقل الإنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعاً: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ) الأنعام/50.

والتفكير والفكر  نعمة إلهية وهبها الله تعالى لبني البشر دون غيرهم من مخلوقاته وهو يمثل اعقد نوع من أنواع السلوك الإنساني ،جعل الله تعالى الإنسان خليفته في الأرض وميزه بالعقل عن بقية المخلوقات وحثه على النظر في ملكوته بالتفكير وأعمال العقل والتدبير قال تعالى في سورة الرعد: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الرعد/3 .

لقد أشرنا في الرافد الأول الى تعریف التفكیر الإبداعي حیث أن تدریب الطفل على التفكیر الإبداعي ھي نقطة أساسیة وجوھریة لتنشئة الإبداع لدى الطفل فعن طریق ھذه العملیة المھمة مستمعتي الطيبة أي (التفكیر الإبداعي) یصل الطفل الى نتائج إبداعية وابتكارات، وھذه الخطوة تعد خطوة مھمة للغاية  للمربین لأنھا عن طریق معرفة خصائص التفكیر الإبداعي أو عناصره سیختارون الأنشطة والألعاب التي تنمي مھارات التفكیر الإبداعي عند الطفل فكلما كانت ھذه العناصر واضحة تماماً أمام المربین كلما كان اختیارھم للأنشطة وخطواتھم التي یخطونھا مع اطفالھم لتوجیھیھم نحو طریق الإبداع صحیحة وفعالة.

ومن خصائص التفكیر الإبداعي الأساسیة أختي المربية هي:-

١- الأصالة: وتعني التمیز في التفكیر والقدرة الى النفاذ الى ما وراء المباشر والمألوف من الأفكار؛ أي  أن الأطفال مستمعتي یفكرون بطریقة مختلفة وینظرون الى الأمور بمنظار مختلف ولذلك یأتون بأفكار جدیدة ومختلفة وھذا من صمیم الإبداع فلھذه الخصیصة ارتباط كبیر بمسألة الإبداع وھي مھمة جداً جداً.

٢- الطلاقة:وهي (القدرة على إنتاج أفكار عدیدة لفظیة وأدائیة لمشكلة نھایتھا حرة ومفتوحة).

وللطلاقة أنواع:-

أ- طلاقة الألفاظ:- وتعني سرعة تفكیر الفرد في اعطاء الكلمات وتولیدھا في نسق جید. مثلا  كتابة الطفل لاكبر عدد ممكن من الكلمات التي تبدأ بالحرف (ب)، أو كتابة أكبر عدد ممكن من الكلمات من الأحرف (ن، ي، أ) أو غیرھا، أو ذكر أكبر عدد ممكن من أسماء الحیوانات التي تنتھي بالحرف ف وهكذا.

ب- طلاقة التداعي:- وھو إنتاج أكبر عدد ممكن من الكلمات ذات الدلالة الواحدة، أي جمع الطفل لكلمات تدل على شيء معين.

ج- طلاقة الأفكار:- وھي استدعاء عدد كبیر من الأفكار في زمن محدد، مثلاً ذكر جمیع الاستعمالات الممكنة للحدید أو الخشب أو العلب المعدنیة أوغیرھا وجعل الطفل يبذل جهداً في ذلك.

د- طلاقة الأشكال:- وتعني تقدیم بعض الاضافات الى اشكال معینة لتكوین رسوم حقیقیة ذات معنى.

٣- المرونة: وھي تغییر الحالة الذھنیة لدى الفرد بتغییر الموقف، أو ھي القدرة على تولید أفكار متنوعة لیست من نوع الأفكار المتوقعة عادة وتوجیھا أو تحویل مسار التفكیر مع تغیر المثیر أو متطلبات الموقف، والمرونة عكس الجمود الذھني الذي یعني تبني أنماط ذھنیة محددة سلفاً وغیر ( قابلة للتغییر حسب ما تستدعي الحاجة".

 أخيتي الفاضلة وفي هذا الصدد سنتطرق الى مظاهر المرونة فللمرونة مظھران ھما:

أ- المرونة التلقائیة:- وھي إعطاء عدد من الأفكار المتنوعة التي ترتبط بموقف محدد.

ب- المرونة التكیفیة:- وتعني التوصل الى حل مشكلة أو موقف في ضوء التغذیة الراجعة التي تأتي من ذلك الموقف.

٤- الحساسیة للمشكلات: ویقصد بھا الوعي بوجود مشكلات ضعف في البیئة أو الموقف ویعني ذلك مستمعتي الفاضلة أن بعض الأفراد أسرع من غیرھم في ملاحظة المشكلة والتحقق من وجودھا في الموقف ولا شك في أن اكتشاف المشكلة یمثل خطوة أولى في عملیة البحث عن حل لھا وترتبط بھذه القدرة ملاحظة الأشیاء غیر العادیة أو الشاذة أو المحیرة في محیط الفرد.

 أختي المستمعة الكريمة ھذه أبرز عناصر التفكیر وھي مھمة للأبوین والمربین لتحدید أنواع النشاطات التي یحتاجون إلیھا لتنمیة الإبداع بكل أشكاله عند الاطفال وعند إضافتها الى الانشطة ستتضح ھذه المھارات والعناصر بشكل جید وسیكون بإمكان المربین أن یبتكروا الانشطة المتنوعة التي ستعمل على تنمیة مھارات التفكیر الإبداعي لدى اطفالهم.

إذاً.. أختي الطيبة إن الإبداع بركان خامد داخل كل فرد یثور متى ما توفرت الظروف الملائمة ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج روافد الإبداع - الحلقة الخامسة - الدورة البرامجية 41.