حق الطفل في الحياة
2020-02-02 10:20:36
226

أختي الكريمة لما كانت مرحلة الطفولة من المراحل المهمة والأساسية في بناء شخصيَّة الفرد إيجاباً أو سلباً، وفقاً لما يُلاقيه من اهتمام، جاء الإسلام ليقرر أن لهؤلاء الأطفال حقوقاً وواجبات، لا يمكن إغفالها أو التغاضي عنها، وذلك قبل أن توضع حقوق ومواثيق الطفل بأربعة عشر قرناً من الزمان! كما سبق الإسلام غيره من النظم في الاهتمام بهذه الحقوق في مراحل متقدمة للغاية تبدأ من اختيار الأم الصالحة، ثم الاهتمام به في حالة الحمل فأقر تحريم إجهاضه وهو جنين وإجازة الفطر في رمضان للمرأة الحامل، وإيجاب الدية على قاتله، وجعل من حقوقه بمجرد ولادته الاستبشار بقدومه، والتأذين في أذنيه، واستحباب تحنيكه حلق شعر رأسه  والتصدق بوزنه، واختيار الاسم الحسن للمولود، والعقيقة، إتمام الرضاعة، والختان والحضانة والنفقة والتربية الإسلامية الصحيحة.

لذا أختي المربية الفاضلة: الحياة التي وهبها الله للمخلوقات وخاصة الإنسان، حق يجب ألا يعتدي عليه أي شخص من غير وجه حق، ويجب أن تصان ويحافظ عليها، ولقد حرمت كل الأديان قتل النفس البشرية، وأكدت على وجوب توفير الحياة الكريمة للإنسان، التي تحافظ على إنسانيته وآدميته.

إن الحق يقسَّم من وجهة النظر الحقوقية الإسلامية إلى قسمين، يولي الإسلام كليهما العناية، ويدعو إلى رعايتهما:

الأول: ويكون في المرحلة الجنينيّة، حيث لم يولد الطفل بعد، وما زال يعيش الحياة النباتيّة في رحم أُمّه، لقد حرَّم الإسلام في هذه المرحلة كل أشكال الإجهاض.

الثاني: وتبدأ بعد الولادة، ويستمر حتى سن البلوغ، ويطلق عليها مرحلة الطفولة، وفي هذه المرحلة أيضاً دلت العمومات الشرعية الإسلامية على حرمة قتل النفس، حتّى عُدّ في أحدها ـ وحسب الاصطلاح المعاصر ـ جريمة ضدّ الإنسانيّة، لقد صرّحت آيات خاصّة في القرآن الكريم بحرمة قتل الطفل. فالآية المباركة من سورة الإسراء قال تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً﴾ [الإسراء: 31].  

على سبيل المثال  نهتا الوالدين عن قتل أطفالهم خشية الإملاق وعدم القدرة على توفير لقمة العيش لهم، ورفضتا عدّ هذه السبب مسوّغاً لارتكاب هذه الجريمة البشعة، بل إنّ قتل الطفل ممنوع في الإسلام لأيّ سبب كان. ومن هنا استفاد المفسّرون من هذه الآيات التحريم المطلق، ورأوا أنّ حرمة القتل خشية الفقر وقلّة ذات اليد، أو عدم القدرة على الإنفاق، الذي ذكرته الآية الكريمة، لا خصوصيّة لها، بل الآية تريد القول: إنّ العرف السائد عند العرب أنّهم كانوا يقتلون أولادهم خشية عدم القدرة على الإنفاق عليهم، لذا مستمعتي المربية لقد حرم الله تعالى قتل النفس بصفة عامة فقال: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾ [المائدة: 32].


 ثم اختص بيان حرمة قتل الأولاد، ليبين سبحانه وتعالى عظيم رحمته واهتمامه بهذا الوليد الذي لم يرتكب جرماً ولم يقترف إثماً، وللتأكيد على أن قتل هذا الوليد عقوبته من أغلظ العقوبات، وأيضاً للإشعار بأن هذا الوليد كائن مستقل يجب أخذه في الاعتبار وأن يعامل على أساس أنه إنسان جديد. والتفتت آيات القرآن الكريم إلى نوع من القتل كانت بعض القبائل العرب أكثر تمادياً فيه وأعظم إيغالاً، ألا وهو قتل البنات سخطاً بمولدهن لاعتباراتٍ جاهلية، فبين الله أن منَ قتلهنَّ سيحاسب يوم الجزاء، وذلك قوله سبحانه توبيخاً للقتلة: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير:الآيتين: 8و9].

وهذه الآية صريحة في أن البنات هُنَّ من قتل بهذه الطريقة، وهي الوأد، وذلك بدفن البنت وهي حيَّةٌ في التراب حتى الموت، سُميت بذلك أي موءودة لما يُطرح عليها من التراب، فيؤودُها، أي: يُثقِلُها حتى تموت، ومنه قوله تعالى : (ولا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا) أي: لا يُثْقِلُهُ.
 أضافة إلى هذا  احتي المربية أنّ حقّ الحياة للطفل في المرحلة الجنينيّة ـ ومن دون تخصيص ـ هو من مسلّمات الحقوق الإسلاميّة؛ لأن رعاية هذا الحقّ يكتسب الموضوعية من جهتين:

الأولى: الكرامة الإنسانيّة التي توَّج الله تعالى بها بني آدم {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (الإسراء:70)، ولا يسوغ لأي أحد أن يهين من كرّمه الله تعالى، والإجهاض وسلب الحياة يعد إهانةً عرفاً.

الثانية: إن رعاية حق الحياة تؤدّي إلى حفظ النوع البشري، وإن من علل إنزال العذاب على قوم لوط كون عملهم يؤدّي إلى انقراض النوع البشري، ومن ثم فحرمة الإجهاض وقتل الجنين، وكذلك نقض الأعراف والسنن الجاهلية التي منها وأد البنات، هما من ضروريات الحقوق الإسلامية المستغنية عن البرهان والدليل.

إن للطفل حق بالحياة والحرية والكرامة شأنه شأن الكبار لان آدميته تتساوى مع الكبار من أبناء البشر وهذا ما أقرته الاديان السماوية عبر مسيرة الحياة الطويلة، فالاطفال نعمة من الله سبحانه وتعالى ومن الواجب رعايتها وصونها واعطائها كل حقوقها الازمة للعيش ضمن بيئة هادئة تسودها المحبة والألفة والسعادة الأبدية.

وحقوق الطفل كثيرة سواء كانت على الوالدين أو على المجتمع الذي يعيشون به دون التميزفي الجنس  بين ذكر أو انثى أو لون كأبيض والاسود أو دين كمسلم ومسيحي و يهودي أو نسب أو ثروة، فكل الاطفال على حد سواء يتمتعون بحقوق الواجب تنفيذها وعدم الاستهانه بها.

وفي النهاية لا يمكننا سوى القول أن الطفل إنسان منذ ولادته، ينبغي ألا يؤدي ضعف قدراته البدنية والعقلية، إلى قلة حقوقه، بل لا بد من معاملته باحترام، و إشعاره بفرديته، وبحقه  في التعبير عن رأيه، و توفير أفضل الظروف  الصحية والاجتماعية  والتعليمية، حتى ينشأ جيل جديد واثق بنفسه، قادر على التفكير المستقل، والإبداع دون كبت لقدراته وإعطائه كافة الحقوق على أكمل وجه.
 
































ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج حناناً من لدنا- الحلقة الثالثة - الدورة البرامجية 21.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا