الأسرة وبناء الإِنسان
2020/03/09
369
الزواج غاية وهدف سامٍ للإنجاب وتأسيس عائلة، يخطط ربّ العائلة لمستقبل أطفاله التعليمي والمعيشيّ، وهو مستقبل مرتبط بالمجتمع وازدهاره وتطوره؛ لذا ينبغي على ربّ العائلة أن يدقق ويخطط لإدارة شؤون أطفاله وعائلته، وأن يعيّن أهدافاً ويفكر ويخطط لإنجازه هذا؛ كي يخرج بنتائج مرضية، وذلك عن طريق تقسيم الوظائف المنزلية على أفراد العائلة، وإشراكهم بالمسؤوليات ليعرف كلّ شخص منهم وظيفته لكي لا يقع القسم الأعظم من الأعمال على عاتق فرد، بينما يعيش الفرد الآخر من دون جهد وإحساس بالمسؤولية المشتركة.

رب العائلة هو الذي يقسّم أفراد عائلته بحسب أعمارهم وقدراتهم على الأعمال والمهام الموكلة إلى كلٍّ منهم والتي تعود بالنفع على كلّ العائلة، وذلك من منطلق قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى). (المائدة:2).

 والأهم من ذلك أن يتفق الوالدان فيما بينهما على كلّ الأمور، وأن يعرف كلّ منهما حدود ما عليه فمثلاً شراء الحوائج يجب أن يكون هناك تنسيق مسبق له، لا أن يتكل كلّ منهما على الآخر أو يكون الشراء مضاعفاً من قِبل الاثنين، فتُعرقل المَهمة ولا تسير بشكل صحيح مما يؤثر في ميزانية الأسرة ومتطلباتها.

إن التنسيق يمنع تلف الوقت والإمكانات، وتشتيت الجهود، وضياع الموارد الاقتصادية للعائلة، وفكّ الترابط الأسري، نسترشد بذلك عظمة الخالق في تنظيم الكون، ودقة تناسق المخلوقات، ونتأمل النظام الكوني الذي لا يخطئ ولا يتقدّم ولا يتأخر بدقة فريدة من نوعها، ولو لم تكن كذلك لاختلفت الحياة كلّها.

رب العائلة ينفذ إلى قلوب أفراد عائلته بالحب؛ ليشدّهم إلى توجيهاته التربوية، وهذه من سمات القيادة الواعية وهي مرحلة أعلى من الإدارة، والقائد الناجح هو مَن لا يعتمد القوة لإخضاع أفراد عائلته لرأيه، بل يستشيرهم ويقنعهم برأيه، وأمّا القائد الذي يستخدم القوة والشدة والعنف، فإنه سوف ينتج لنا في الغالب أولاداً شرسين، غير مؤدبين، متمردين، غير صالحين أو ضعفاء الشخصية، مهزوزين، غير ناضجين، وغير منتجين.

ولا يمكن أن نلغي أهمية الشدة والحزم في بعض الموارد على أن تكون بحكمة، فالقائد الواعي أدرى بتلك الموارد، وأنه كيف ومتى وأين يستخدم الشدة والحزم بحيث لا تكون هيمنته فوقهم تسلبهم طعم الحرية، وكذلك من دون أن يشعروا بعدم وجود أية أهمية ورقابة مسؤولة عنهم.

إنّ القيادة فنّ المزج بين العناصر الكثيرة التي منها: العلم، والحكمة، والذوق، والممارسة ممزوجة بالحب والاحترام؛ لذا ينبغي رفع معنوياتهم بالتوكل على الله العزيز الحكيم، وغرز الإيمان بالدين والعقيدة في نفوسهم، وأقرب مَن يستطيع المساعدة الظاهرية والباطنية هو ربّ الأسرة.

أمّا أنتِ سيّدتي فارفعي لشريكك روح المسؤولية، وشجعيه على إنجاز مهامه، والعمل على ترابط أفراد الأسرة، وامدحيه على إنجازاته تجاهك وتجاه العائلة، وقولي له إن عظمة الشخصيات الخالدة في التاريخ في أنهم لم يفكروا في صعوبات أعمالهم، بل فكّروا في عظمة ما يحصلون عليه من إنجازات على صعيد بناء الإنسان والأسرة والمجتمع.









ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مجلة رياض الزهراء(ع) مجلة شهرية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية شعبة المكتبة النسوية في العتبة العباسية المقدسة/ العدد91.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا