قواعد بناء الحب بين الإخوة
2020/02/22
1050

هناك قواعد لبناء الحب بين الإخوة:
في البدء يجب أن نعرف ما هي نقاط العداء بين الأبناء؟ وكيف نستطيع أن نقتلعها من صدورهم، ونزرع مكانها أشجار الحب والوئام؟ أي كيف تجعل ابنك يطبع قبلة على وجنتي أخيه بدل أن يوجه إليه الضربات؟
 تستطيع أن تقتلع جذور التباغض والعداء من بين أبنائك إذا ما عملت بهذه الوصايا التالية:

أولاً ـ اعرف متى توزع الحب؟

جاء في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نظر إلى رجل له ابنان فقبّل أحدهما وترك الآخر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (فهلاّ واسيت بينهما؟).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): قال والدي: (( والله لأصالح بعض ولدي وأجلسه على فخذي وأكثر له المحبة، وأكثر له الشكر وإن الحق لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه، ومن غيره لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته.. وما أنزل سورة يوسف إلاّ أمثالاً لكيلا يحسد بعضنا بعضاً، كما حسد يوسف أخوته وبغوا عليه)).
إذاً.. لا تنسَ في المرة القادمة التي تريد أن تقبّل فيها أحد أبنائك، أو تضمه إلى صدرك، وتعطف عليه بالحب والحنان، لا تنسَ أنّ عليك أن تفعل ذلك في وقت لا يلحظك فيه أبناؤك الآخرون ، وإلاّ.. فإن عليك أن تواسي بين أبنائك في توزيع القبلات والحب ، ويعني ذلك إذا قبّلت أحد أبنائك في محضر أخوانه الصغار حينئذ
لابد أن تلتفت إليهم وتقبّلهم أيضاً، وإن لم تفعل ـ بالخصوص إذا كنت تكثر من تقبيل أحد أبنائك دون أخوانه ـ فكن على علم أنك بعملك هذا تكون قد زرعت بذور الحسد وسقيت شجرة العدوان بينهم.

وقد أكّد الإسلام على هذه المسألة الحساسة، وأعار لها انتباهاً ملحوظاً، حتى أنه أمر أن يبدأ بالإناث ـ في العطاء ـ قبل الذكور، حيث يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقةٍ إلى قوم محاويج . . .)، ثم يضيف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قائلاً: ((ويبدأ بالإناث قبل الذكور...)).

لماذا؟ ذلك حتى لا تشعر الفتاة بالانكسار والضعف، في مجتمع يحب الذكور، ويكره الإناث، وبالطبع فإن هذا العمل يدفع الفتاة إلى الشعور بمكانتها العزيزة بين أخوانها، ومن ثم نجاتها من مهالك الحسد والعدوان.

والمطلوب ـ في الحقيقة ـ إقامة العدل بين الأبناء سواء في توزيع القبلات أو في الرعاية والاهتمام بشكل عام، يقول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم): (اعدلوا بين أولادكم ، كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف).

وهنا لدينا بعض الأسئلة حول وضع الأخوة في الأسرة:

- هل الأطفال الأصغر دائماً يُحصلون على حماية زائدة؟

- وهل الأطفال الأكبر يجدون قبولاً أكبر أو أقل عندما يأتي أطفال آخرون؟

- وهل يكون المولود الأول مفضلاً دائماً؟

- وما مركز الابن الأخير والابن الوحيد؟

- كيف يكون موقع الابن الجميل والابن القبيح؟

- هل هناك تفاضل بين الأبناء وعلى أي أساس يقوم؟ أعلى أساس الجمال أم على أساس التقوى والعمل الصالح؟

- وإذا كان هنالك من تفاضل.. كيف يجب أن يتم إشعار الأبناء به؟

وللإجابة عن كل تلك الأسئلة ( عندما يولد الطفل الثاني، ويأخذ بالنمو والكبر ويدرك ما حوله، لا يجد الوالدين من حوله فحسب، بل يجد كذلك في الميدان أخاه الأكبر الذي سبقه في الميلاد، والذي يفوقه قوة ويكبر عنه جسماً ووزناً وكلما كبر أدرك أنه أصبح في مرتبة ثانوية في المعاملة تتضح له من الأمور الآتية:

نعطي له اللعب القديمة بعد أن يكون أخوه قد استلمها جديدة واستعملها أمامه، ونعطي له كذلك ملابس أخيه القديمة بعد أن تصبح غير صالحة للاستعمال إلاّ قليلاً وكذلك، ميلاد طفل ثالث في الأسرة يصبح موضع رعاية جديدة من الوالدين، فيقل لذلك مقدار الرعاية التي كانت توجه إليه.

وهنا يأخذ الطفل الثاني ترتيباً جديداً بين الإخوة، ويصبح طفلاً أوسط. وإن مركز الطفل الأوسط لا يحسد عليه إذ إنه يكون مهاجَماً من الأمام (عن طريق الأخ الأكبر) ومن الخلف (عن طريق الأخ الأصغر).

أمّا عن الطفل الأخير في الأسرة، فإن مركزه تحدده العوامل التالية: نجد أولاً ـ أن هنالك اختلافاً في معاملة الوالدين له عن بقية الأخوة والأخوات، وميلاً لإطالة مدة الطفولة، لأن الوالدين ـ حينئذ ـ يكونان غالباً قد تقدم بهما السن وأصبح أملهما في إنجاب أطفال جدد محدوداً.

وفي بعض الحالات نجد أن الطفل الصغير الأخير يكون موضع رعاية خاصة و(دلال) الوالدين أو من أحدهما، وهنا تدب نار الغيرة والحقد في نفوس إخوته وتذكرنا أمثال هذه الحالات بقصة يوسف (عليه السلام)، وما تعرض له من إيذاء نتيجة كره أخوته له، لإيثار والديه له بالعطف الزائد).

وبالنسبة إلى مسألة التفاضل، نجد أن بعض الآباء يزدادون حباً وعطفاً على أحد أبنائهم دون أخوته الآخرين، ليس لأنه الأجمل أو الأكبر أو الأخير، وإنما لأنه الأفضل نشاطاً وعملاً وخدمة لوالديه.

إذاً.. إن آخر ما نريد قوله هو: المزيد من الانتباه إلى هذه الملاحظة الهامة والتعرف ـ جيداً وبحكمة ـ على كيفية توزيع الحب بين الأبناء.


ثانياً ـ بيّن أهمية الأخ لأخيه:

إذا كنت ترغب في أن يسود الحب والود بين أبنائك فما عليك إلاّ أن تبيّن أهمية الأخ لأخيه، وتشرح له عن الفوائد الجمّة التي يفعلها الأخوان لبعضهم البعض.

قول الإمام عليّ (عليه السلام): (الأخوان زينة في الرخاء وعدة في البلاء)، كما لا تنسَ أن تسرد لهم قصة الإمام الحسين(عليه السلام) وأخيه العباس في معركة كربلاء، حيث كان العباس خير معين وناصر لأخيه، حتى أنه لما سقط على الأرض صريعاً جاء الإمام (عليه السلام) وقال: (أخي.. الآن انكسر ظهري، وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي).

إذاً.. فالأخ هو المساعد الأيمن لأخيه، وقد تجلى ذلك أيضاً في قصة النبي موسى(عليه السلام) حينما قال: ( وَاجْعَل لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي).

بهذه الطريقة تكون قد أشعرت ابنك بأهمية أخيه، وبالتالي قد شددت أواصر العلاقة والمحبة بينهم.








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المصدر: برنامج العائلة السعيدة - الحلقة السادسة - الدورة الإذاعية 34.

(2) طه / 29ـ32.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا