التفكك الأسري..أسبابه وطرق علاجه
2020/02/21
466

أصبح من الضروري جداً تقوية العامل الديني والاهتمام بالمؤسسات الثقافية وغيرها لإنقاذ الأسرة والمجتمع من هذا التفكك والانهيار، لا شك أن الأسرة مجتمع مصغر، وإحدى دعائم المجتمع الأكبر، وما الأمة إلا مجموعة من الأسر تترابط فيما بينها بمبادئ وقوانين وأعراف وتقاليد وتتفاوت قيمتها وآثارها بين الأمم تبعاً لتفاوتها في درجات الحضارة والبداوة والتطور والجمود، وكلما كان الأساس قوياً كان ادعى لتمسك البناء, وصلاحيته للبقاء، فكلما كانت الأسرة قوية قائمة على الأسس الرشيدة، والدعائم الصالحة كان صرح المجتمع بدوره قوياً حصيناً باهر الأثر نحو الأسرة ذاتها، ونحو الإنسانية بأسرها.

قال تعالى: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً) وإذا كانت الأسرة دعامة الأمة، فإن الزواج عماد الأسرة، به تنشأ وتتكون وفي مهاده تحبو وتتطور، ومن غذائه الروحي والمادي تنمو وتتهذب، ومن دوحته الباسقة تتفتح براعم سلالة جديدة، من البنين والبنات، تدرج في المهد حيناً، ثم تخرج إلى الحياة رويداً، لتؤدي رسالتها، وتتحمل مسؤوليتها وتأخذ نوبتها في طريق الآباء والأجداد.

ومن هذه البراعم الناشئة تتفرع أوصار القرابة والرحم، وتمتد هنا وهناك لتظلل برواقها مجتمعاً فسيح الجوانب، متشابك المصالح، من هنا تبدو أهمية الأسرة وتماسكها واستقرارها أهمية كبيرة في بناء المجتمع واستقراره ونمائه ليمتد كل ذلك إلى الوطن والأمة، نعم إنه التفكك الأسري يعني تفكك المجتمع وانهيار الوطن ونعم لقد انتشرت ظاهرة التفكك الأسري في المجتمعات العربية والإسلامية وانعكست آثارها السيئة على أفراد الأسرة وامتدت إلى المجتمع والوطن حيث انعدمت أواصر المحبة والتراحم والوفاء.. وبدأت تلك الآثار السيئة تؤثر في كيان المجتمع والوطن من جميع النواحي الأمنية والنفسية والاقتصادية، من هنا كان من الضروري جداً أن تتضافر الجهود لإنقاذ الأسرة من التفكك والمجتمع من الانهيار ولن يتحقق ذلك إلا بالعودة إلى الدين والعمل بقواعد الدين التي تضمن للأسرة والمجتمع والوطن كل أمنه واستقراره، وقد يخطر في أذهاننا: يا ترى ماذا يعني التفكك الأسري وما الأسباب والوقاية والعلاج؟  

التفكك الأسري باختصار هو ضعف العلاقات بين أفراد الأسرة نتيجة التهاون والتفريط في الحقوق والواجبات التي وضعها الشرع الإسلامي الحنيف مما يؤدي الى  انحلال روابط الأسرة واضمحلال المحبة والمودة بين أفراد البيت الواحد فلا يكون للبيت دوره الرئيس في توجيه وضبط سلوك الأولاد وإنما هو عبارة عن مأوى للنوم والأكل وما شابه ذلك فحسب، ولا شك أن هذا أمر خطير لا بد من وضع الحلول المناسبة له ليعود البيت إلى وضعه الطبعي ولكن قبل ذلك لا بد أن نعرف بعض الأسباب  التي تؤدي الى التفكك الأسري  وهي كثيرة منها:

 1-عدم مراعاة أوامر الله في الحياة الأسرية، فالمسلم ينبغي أن يسير في حياته وفق المنهج الرباني الذي أمر باتباعه قال الله تعالى:(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ومن أعظم أوامر الله التي يجب العناية الأكيدة بها الصلاة، ولذا فقد نص الله على متابعة الأهل عليها في القرآن الكريم فقال سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)، فأمر الله نبيه محمداً(صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم، ويصطبر عليها ويلازمها وقد أثنى الله على نبيه إسماعيل (عليه السلام) فيما أثنى عليه بقوله (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضياً)، ويقول تعالى كما في الآية المتقدمة: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً...) ووقاية الأهل من النار لا تكون إلا إذا راعى المسلم أوامر ربه في نفسه وفي من تحت يده وهكذا على الرجل تجاه أولاده عليه أن يراعي أوامر الله فيهم وأن يتفقد أحوالهم الدينية كما يتفقد أحوالهم الدنيوية، وكذلك بالنسبة للام مع أولادها.

2- عدم تربية الأولاد التربية الصالحة، فبعض الناس يظن أن أمر التربية  أمر مستحب وطيب ولا حرج على الإنسان لو فرط فيه ، وهو والله ظن خاطئ فأمر التربية واجب والإنسان محاسب على تفريطه ومسئول عن تساهله قال (صلى الله عليه وآله سلم): (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه والجنة)؛ فالأمر خطير والحساب عسير، كما أن بعض الناس يظن أن التربية الصالحة فقط هي أن تحض الولد على الصلاة فقط وتسأله عن أدائها - مع أنها من أهم الأمور وهي رأس الأعمال الصالحة - لكن أن تتساهل في جوانب التربية الأخرى فهذا قد الصلاة نفسها للخطر فيتركها الولد إذا لم يكن هناك تكامل في جوانب التربية المختلفة.

أما آثار التفكك الأسري لا يقتصر أثرالتفكك على تربيتهم فحسب وإنما تخلفهم الدراسي أيضاً والأبناء الذين ينشأون في أسرة مفككة لا تعرف بين أفرادها غير النفور والكراهية لا تكون نشأتهم طبيعية،وتترسب في أعماقهم مشاعرالكراهية
نحو الحياة والأحياء، ويتمثل ذلك في الانحراف والتمرد على القيم والنظم والقوانين وإدمان الموبقات والمخدرات، فضلاً عن العزوف مستقبلاً عن الحياة الزوجية.

أختي الكريمة..أنت كذلك لك الدور الأكبر في تحقيق السعادة الاسرية بالتربية الصحيحة لابنتك وأن تعليمها من الصغر أن تعمل بما أمر الله وتنتهي عما نهاها وأن تلتزم بالصلاة والحجاب والعفة لتكون برعماً صالحاً في المجتمع وتثمر بالفائدة للمجتمع لأن بتربيتك الصحيحة لها هي بدورها ستصبح أماًومربية لاجيال صالحين في المجتمع.



 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: طريقك نحو السعادة -الحلقة الثانية- الدورة البرامجية 29

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا