دور الوالدين في دعم الحياة الزوجية
2020/02/04
601

الزواج سنة إلهية ومؤسسة اجتماعية، حرص الإسلام على دعمها، وإرساء قواعدها، والإنسان بطبعه اجتماعي يألف الحياة الأسرية، وتسكن نفسه ضمن الجو العائلي الهادئ الذي ينعم بمشاعر الحب والاحترام المتبادل.

 وكرم الله سبحانه وتعالى هذه العلاقة، وجعل لها منهجاً ومقياساً، تستند عليه العائلة المسلمة، وجعل القوامة تكليفاً شرعياً للزوج وتكريماً للزوجة، إذ يقع على الزوج البحث عن مصادر الرزق ليتكفل بأمرها ويسد احتياجاتها؛ لما للمرأة من أهمية في الحياة الأسرية؛ لأنها العين الساهرة على تربية الأولاد وتنشئتهم، وهي المدبرة لشؤون البيت الداخلية، ورمز الله(عز وجل) لمفتاح نجاح الحياة الاسرية بالمودة والرحمة لقوله: ((وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)).

وإذا نظرنا اليوم إلى كمّ المشكلات الكثيرة التي انبثقت في الحياة الزوجية في المجتمعات الإسلامية والمحافظة، لوجدنا أن أحد أهم هذه الأسباب هو انحراف المجتمع عن اخلاقياته الثابتة والمتجذرة في أعرافه وتقاليده.

 ففي الماضي القريب، كان يصعب تفكيك الحياة الزوجية وزعزعة استقرار الأسرة، والطلاق الذي هو أبغض الحلال عند الله تعالى كان ظاهرة نادرة في المجتمع.
 واليوم نعيش انتشار مشكلة الطلاق بين العوائل، ووجود اكثر من حالة طلاق في الاسرة, وربما هذا يعود إلى فقدان ثقل الابوين التربوي الكبير الذي كانا يشغلانه في الأسرة، وما لهما من احترام وإجلال في نفوس افراد العائلة، فوالدا الزوجة كانا يلتزمان بمبادرة السلام بين الزوجين، ويخففان من شدة التوتر والمشاحنة بينهما، وهما من ينصحان المرأة بأن تخفض جناح الذل لزوجها، وأن تسعى إلى إسعاد عائلتها، والعمل على تنشيط ذاكرتها بالحديث الشريف عن النبي(ص): ((لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها). (الخرائج والجرائح: ج1/ ص44).

 وكذلك أبوا الزوج كانا يلعبان دوراً كبيراً في تقليل الحدة والغضب لدى الزوج، ويرشدانه على احتواء المشاكل والصبر على الزوجة لو صدر منها بعض الافعال التي تغضبه، وبوجود هذين الوتدين في العائلة، كانت رياح المشاكل تتبدد، وتهل غمائم الغيث المحملة بالخير والسلام.

 وأما في أيامنا الحاضرة، نلاحظ تعاضد بعض الآباء والأمهات على كسر القوانين الالهية، وتغييب العرف الايجابي في المجتمع، وتقوية شوكة الزوجة أمام زوجها، خاصة عندما تكون الزوجة صغيرة في العمر، وقليلة خبرة في الحياة، وغير مستقلة فكريا في اتخاذ بعض القرارات.. فهم يصورون الزوج بأنه شخص سالب لإرادتها، وهاضم لحقوقها، وبتدخلهم المباشر في حياة ابنتهم الأسرية، تمسي العلاقة الزوجية متوترة، وتنعدم الثقة بين الزوجين، وكل منهما يتهم الآخر بانصياعه إلى أفكار أهله.

 ومما يثير من غضب الزوج وأهله، أنهم يجدون أسرارهم العائلية عند أهل الزوجة..! كأنما هناك نافذة مطلة على بيتهم, والنافذة هي (الكنة) التي تكون متلهفة لنقل اخبار زوجها وذويه عند اهلها، خاصة بعد سلسلة برامج التواصل الفعال عبر الانترنت، والتي ساهمت في تسريع عملية نقل الأحداث الموجودة في بيت العائلة التي احتضنتها وبمرور الوقت واكتشاف الزوج وأهله فعل الزوجة، تسقط الزوجة من عين الزوج وعائلته، إذ انها لم تحافظ على حرمة البيت الذي انتمت اليه، واحتضنها كفرد من العائلة، ومن ثمّ ينعدم الاحترام المتبادل بين العائلتين، وتبقى صورة الكنة المتجسسة عليهم وعلى اسرارهم ثابتة وراسخة في عقولهم، وإنها غير مؤهلة لتصبح أمّاً مسؤولة عن تربية اولاد المستقبل.

 ولقد نوّه القرآن الكريم إلى ضرورة الاجتناب عن التجسس على الآخرين، فكيف الحال لو كان إلى أناس تربطنا بهم جسور صلة الرحم، إذ قال(عز وجل): ((وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا))، فكيف بهذه الكنة، وهي تجمع بين صفتين ذميمتين التجسس والغيبة..
ولو أن هذه البنت وجدت من يردعها عن ذكر أهل زوجها، ويعلمها أن ما تفعله هو عمل مذموم وغير محمود وخاصة والديها، لما أقدمت على ذلك، وفقدت ثقة زوجها ودفء أسرتها وبيتها..!





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: جريدة صدى الروضتين/ صحيفة نصف شهرية تصدر عن شعبة الإعلام في العتبة العباسية المقدسة/ العدد 302/ وفاء عمر عاشور.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا