أساليب وثقافات وآداب قرآنية(ثقافة الاستئذان)*
2019/12/16
832

بحر القرآن الكريم هو ذلك البحر العميق الذي يكافئ ويبهر الغائص فيه بأنواع الدُّرر والكنوز؛ ولأن القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى ودستوره الأعظم والأكرم ومعجزته الخالدة نريد أن نتزوّد من تلك الدّرر بأنواعها ومنها:

ثقافة الاستئذان أنموذجاً:

(اسمحوا لي، من فضلكم)، بات استخدام هذه الكلمات قليلاً جداً في المجتمع فعندما يرى بعضهم شخصين جالسين ويتحدثان يأتي مباشرة ويجلس معهم من دون أن يقول لعلّهما يتحدثان في موضوع خاص.

وكذلك نرى هذه السلبية في المنطقة التي يكثر فيها الأقارب بحيث يدخلون البيت من دون استئذان أو من دون أن يطرقوا الباب، ولم يفكروا لعلّ عندهم موضوعاً خاصاً أو أنهم غير مستعدين لاستقبالهم، وعلى الرغم من أن القرآن وضع الأسس لتلك الثقافة القرآنية للكبار والصغار إذ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).(النور:27).

وقال تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ..).(النور:59).

ومن هذا الباب انطلقنا لنتزود من كلّ ثقافات القرآن مع كاتبنا الأخ الفاضل (أحمد الحجي) والذي حمل محوره عنوان (أساليب وثقافات قرآنية).

وبدأنا مع الأخت (أم التقى) لتقول:

لقد كان الرسول الأكرم(ص وآله) القدوة العملية في حكم الاستئذان فكان لا يدخل بيتاً حتى يستأذن حتى بيت ابنته فاطمة(ع) حيث كان يقف خلف بابها وينادي السلام عليكم يا أهل البيت فإذا أذن له يدخل وإلّا يكررها ثانية وثالثة فإذا لم يسمع الإذن يعود أدراجه من دون ضجر.
وابتدأت الأخت (أم باقر) بقوله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ).(لقمان:18)

فكم من عبرة وموعظة نقلها لنا القرآن بأسلوب لين وبلفظ جزل بهذه الآيات (التكبر، والغرور، المشي المتزن المتواضع، الصوت الهادئ والواعظ).

وأضاف لنا الأخ (أبو محمد الذهبي) خُلقاً قرآنياً آخر وذكر قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)/ (النساء:58)

وجعل الرسول(ص وآله) الأمانة دليلاً على إيمان المرء وحسن خُلقه فقال: "لا إيمان لمن لا أمانة له".(1)

وابتدأت الأخت (أم مريم) بقوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).(النور:30)، وقوله: )..وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى..). (الأحزاب:33):

وهذا دليل على أن الحجاب والعفة وغض النظر ومنع التبرج هي أدب قراني وسلوك يحفظ المجتمعات من الانحراف والرذيلة.

وأضافت الأخت (أم محمد جاسم) بقولها:
أمرنا الباري بترك الغيبة والاستهزاء وسوء الظن وترك الهمز واللّمز وغيرها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ..).(الحجرات:11) ثم ليس هذا فقط، بل أمرنا أن نجتنب الظن وكثرته؛ لأن بعض الظن أثم وذنب، فقد لا يكون بحق وأنت تفكر بأن أخيك المؤمن سيىء القول أو العقيدة أو العمل.

وختاماً لمحورنا كنّا مع الأخت (صادقة) التي ذكرت قول أمير المؤمنين(ع): (واعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ - والْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ والْمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكْذِبُ - ومَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْه بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ - زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى).(2)












ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ميزان الحكمة: ص215.
(2) نهج البلاغة: ص252.
(*) المصدر: مجلة رياض الزهراء (ع) العدد/ 98  - مجلة شهرية تصدر عن شعبة المكتبة النسوية في العتبة العباسية المقدسة.
زهراء حكمت.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا