الإعلام المضلّل ولغة الإعلام بين العامية والفصحى
2019/09/26
440
الاتصال وظيفة من وظائف اللغة، واللغة تدخل في كلّ مفاصل الحياة وتفاصيلها لكونها وسيلة للتعبير وآلة إيصال المعلومة، ولها أهمية بالغة في بلورة المعلومة وإيصالها عبر مختلف وسائل الاتصال التي تنحصر بالصحافة والراديو والتلفاز والسينما ووكالات الأنباء والمؤتمرات الصحفية، ولها دور كبير في إنجاز عمل هذه الوسائل الاتصالية.

ومفهوم الاتصال بين اللغة والإعلام له مجال أو أكثر، إذ يتفق علماء اللغة والإعلام على ضرورة وجود معنى لدائرة الاتصال حتى تؤدي دورها في الإبلاغ واللغة.

أراد الإعلام المضلّل أن تُشاع اللغة العامية؛ لأنها فقيرة كلّ الفقر في مفرداتها ويشمل متنها الكثير من لهجة الكلام العادي التي انتشرت في وسائل الإعلام من أجل تفسيخ اللغة العربية الفصحى لغة القرآن الكريم؛ ولأجل نسيان اللغة الأم وإزالتها، فحين نذكر الفصحى يتبادر لنا أنها من أوسع اللغات في العالم، حيث إنّ أبرز ما تفخر به الفصحى قدرتها على متطلبات العصور بما تتصف به من مرونة في التعبير ووسائل الاشتقاق مع حفاظها على صفات الأصالة والخلود، ولولا هاتان الصفتان ما بقيت حتى اليوم ولما اتسعت كتب الطب والفلسفة وسائر العلوم؛ لذا أراد المضلّلون أن تنحرف العامية عن الفصحى، فالعامية لا تصلح أن تكون لغة إعلامية؛ لأنها فقيرة ومضطربة في قواعدها وأساليبها ولا علاقة لها بالفصحى، وربّما كان من أسباب إهمال اللهجات العربية وعدم تسجيلها منذ عصور الفصاحة ـ بخاصة حينما اتسعت الدول العربية ـ بقاؤها كوسيلة لضمان وحدة تلك اللهجات والقضاء على عوامل التفرقة فيها، وذلك ألّا تُعطى اللهجات العربية من العناية ما قد يزيد من عصبية القبائل ويباعد بينها، لذا جاءتنا اللهجات العربية مبتورة السند مشوهة المتن.

نواجه في عصرنا هذا حملة إعلامية للعامية، فيها تحدٍّ حضاريّ ومصيري يتمثل بدعوة الوجهة السياسية لتفكيك وحدة الأمة الإسلامية وإقامة كيانات متفرقة غير متفاهمة، كما أنها تدعو إلى الانزواء والتقاطع بين المجتمعات العربية الإسلامية التي وحّدها اللّسان العربي على الرغم من فداحة الأخطار المحدقة بها.

والمطلوب من الإعلام المنصف اليوم هو محاربة التضليل الإعلامي عن طريق الحفاظ على نظارة هذه اللغة، وتجديد شبابها، ورفع الحيف الذي لحق بها، وإبعاد التهديدات والمخاطر عنها، ونظراً لصعوبة المرحلة التي تمرّ بها الأمة الإسلامية، وتربص أعدائها بها من كلّ حدب وصوب، والأضرار التي ألحقتها الحركات المتطرفة والمنظمات الإرهابية بسمعة النهج المحمدي القويم والفكر الإسلامي الناصح على المستوى العالمي والتشويش المقصود من قبل الإعلام الذي طال أذهان ثلّة من أبناء هذه الأمة -بخاصة البسطاء منهم - فعلى الإعلام الهادف إشاعة روح التآخي والتسامح بين أبناء الأمة، والمشاركة بالبرامج التي تبث باللغة العربية الفصحى من أجل إنارة الطريق للشباب المسلم؛ ليلتزموا المنهج المحمديّ الأصيل، ويرتشفوا من منهله العذب، ومن ثمّ المساعدة في الحفاظ على سلامة اللغة العربية، ووحدة الكلمة للأمة الإسلامية، وحمايتها من خطر التناحر الذي دبّ في جسدها عن طريق تحريك إعلامي خارجي مضلّل، وصيانتها من استفحال الاختراق الخبيث والاستغلال البغيض من قبل القوى المعادية التي تتربص بالإسلام.
















ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مجلة رياض الزهراء(ع) مجلة شهرية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة/ العدد 101- د. إيمان سالم الخفاجي.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا